بقلم كوثر شيا
دعا دولة رئيس مجلس النواب، الأستاذ نبيه بري، إلى جلسة مشتركة للجان المختصة، حيث تم دراسة عدة مشاريع قوانين هامة، وفي مقدمتها القوانين المتعلقة بالصليب الأحمر اللبناني، والرعاية الصحية الأولية الشاملة، وتنظيم المناطق الاقتصادية، بالإضافة إلى القوانين الخاصة بالانتخابات ومجلس الشيوخ.
لكن، في هذا السياق، من المهم أن نبرز قضية أساسية طالما كانت تحديًا أمام إصلاح المؤسسات اللبنانية، وهي التعيينات في المناصب الحكومية، والتي تتعلق بـ 200,000 وظيفة حكومية، حيث يتم تعيين من يشغلون المناصب العليا بشكل طائفي، ما يعطل تقدم المؤسسات ويعيق الإصلاحات المنشودة.
التحديات الأساسية للتعيينات الطائفية
1. التعيينات الطائفية:
يشهد لبنان وضعًا مأساويًا فيما يخص التعيينات الحكومية، حيث يتم تعيين أول، ثاني، وثالث المناصب في مؤسسات الدولة على أساس طائفي، مما يؤدي إلى تراجع أداء المؤسسات، ويزيد من الفساد والمحسوبية، ويؤدي إلى تدهور الخدمات العامة. وهذا يشمل العديد من المناصب في الوزارات والمجالس والإدارات العامة، مما يعطل عملية التطوير المؤسسي والإصلاح الإداري.
2. الحاجة للإصلاح في هيكلية التوظيف:
الحكومة اللبنانية بحاجة إلى اتخاذ خطوات جادة لمعالجة هذه المشكلة. يجب أن تكون التعيينات على أساس الكفاءة والجدارة، وليس على أسس طائفية أو سياسية، وهذا يتطلب مراجعة شاملة للتوظيف داخل الدولة.
إجراءات الإصلاح الإداري والتعيينات
أعلن رئيس مجلس الوزراء، الدكتور نواف سلام، عن اعتماد آلية جديدة للتعيينات التي تهدف إلى إصلاح الجهاز الإداري اللبناني وتحسين أداء مؤسسات الدولة. هذه الآلية هي جزء من ورشة الإصلاح الإداري التي أطلقتها حكومته وتستهدف تطوير النظام الإداري وتحديثه وفقًا للمعايير الدولية، وفي إطار تحقيق دولة القانون والمؤسسات.
الآلية التي اعتمدها الرئيس سلام
تتضمن هذه الآلية عدة مبادئ أساسية تهدف إلى ضمان الكفاءة والشفافية في التعيينات، وتشمل:
• الأولوية: تحديد المناصب التي يجب شغلها وفقًا للاحتياجات.
• التنافس: ضمان الفرص العادلة لجميع المرشحين وفقًا للمعايير الموضوعية.
• العلنية: الإعلان الواضح عن الوظائف الشاغرة والمواصفات المطلوبة.
• الشمولية: ضمان تكافؤ الفرص بين جميع المرشحين، بغض النظر عن الجنس أو الوضع الاجتماعي.
• عدم تضارب المصالح: اتخاذ التدابير اللازمة لضمان عدم وجود تضارب مصالح بين المرشحين.
• المرونة والمداورة: تمكين التنقل بين المناصب لتوسيع الخبرات.
التعيينات في القطاع العام
تم التركيز على إصلاح هيكلية التوظيف في القطاع العام، حيث ستكون التعيينات بناءً على الكفاءة، مع مراعاة تطبيق مبدأ المناصفة بين الطوائف، بما يتماشى مع المادة 95 من الدستور اللبناني. وتم تحديد نوعين من التعيين: من داخل الملاك ومن خارج الملاك.
إصلاحات قطاع الدولة : التحديات والحلول
من المعروف أن القطاع العام في لبنان يعاني من مجموعة من التحديات، مثل التوظيف العشوائي والعديد من المناصب الشاغرة بسبب نزوح الكفاءات إلى القطاع الخاص أو الخارج. وفقًا للمعلومات المتوفرة، فإن حوالي 70% من المناصب الإدارية في المؤسسات الحكومية شاغرة. وهذا الوضع يؤدي إلى تأخير المشاريع التنموية ويفتقر إلى الكفاءات اللازمة لمواكبة التحولات الرقمية والذكاء الاصطناعي في الحكومة.
التحديات في تطبيق الإصلاحات
قد تواجه الحكومة صعوبات في تنفيذ هذه الإصلاحات بسبب:
• مقاومة بعض القوى السياسية أو الطائفية التي تستفيد من النظام الحالي.
• وجود بيروقراطية معرقلة وإجراءات معقدة تحول دون تسريع تنفيذ التعيينات.
• نقص في الموارد المالية اللازمة لدعم هذه الإصلاحات.
الحلول المقترحة
• ضرورة تعزيز الشفافية في عمليات التعيين لضمان عدم تلاعب القوى السياسية بالمناصب.
• إدخال التكنولوجيا في عملية التعيين لتسهيل الإجراءات وتوفير نظام تقييم موضوعي وشفاف.
• تحفيز الشباب اللبناني لتولي المناصب القيادية من خلال توفير فرص التوظيف لهم في القطاع العام.
الخطة المستقبلية للإصلاح الإداري
يتضمن إصلاح القطاع العام العديد من المراحل. المرحلة الأولى هي اعتماد آلية التعيينات الجديدة، التي ستركز على الكفاءة والجدارة. المرحلة الثانية تشمل تحديث الهياكل التنظيمية في الوزارات والمصالح المستقلة. في النهاية، يجب أن يركز الإصلاح على استعادة الكرامة والولاء لدى الموظفين الحكوميين.
التوجهات المستقبلية
• التحول الرقمي: في إطار ورشة الإصلاح، أُعلن عن تشكيل لجان خاصة لدراسة التحول الرقمي في القطاع العام وإصلاح هيكلية القطاع العام، بهدف تبسيط الإجراءات وتعزيز كفاءة العمل الحكومي.
• إصلاح التوظيف: معالجة التوظيف العشوائي وتقديم حلول سريعة للحد من التوظيفات السياسية في المؤسسات الحكومية.
أهم النقاط المطروحة في اجتماع اليوم
1. الإصلاحات في التعيينات الحكومية: مناقشة الآلية الجديدة التي تم اعتمادها لتعزيز الشفافية والكفاءة في التعيينات.
2. قوانين الصليب الأحمر اللبناني: بحث القوانين الخاصة بالصليب الأحمر وتطويره في لبنان.
3. الرعاية الصحية الأولية الشاملة: مناقشة تشريعات الرعاية الصحية لتحسين الخدمات الصحية في لبنان.
4. تنظيم المناطق الاقتصادية: عرض مشروع تنظيم المناطق الاقتصادية بما يساهم في تعزيز النمو الاقتصادي.
5. إصلاح النظام الانتخابي: دراسة القوانين المتعلقة بإصلاح النظام الانتخابي.
6. إنشاء مجلس الشيوخ: بحث مشروع قانون إنشاء مجلس الشيوخ كجزء من إصلاح النظام السياسي.
ختامًا، تعد التعيينات الطائفية في لبنان حجر عثرة أمام الإصلاحات الحقيقية. يجب أن يكون الحل هو إزالة الطائفية من التعيينات والتركيز على الكفاءة في اختيار من يشغل المناصب القيادية في الدولة. إذا تم تنفيذ هذه الإصلاحات بنجاح، فسيتمكن لبنان من بناء دولة قادرة على مواجهة التحديات المستقبلية وتقديم خدمة أفضل لشعبها.
إن تسريع الإصلاحات ضروري لضمان إعادة بناء الثقة بين المواطن والدولة.