تحديث قانون البلديات في لبنان : نحو تعزيز اللامركزية الإدارية والتمثيل النسبي

واقع البلديات في لبنان : كثافة غير مسبوقة مقارنة بحجم الدولة

واقع #البلديات في# لبنان : كثافة غير مسبوقة مقارنة بحجم الدولة

بقلم كوثر شيا

@kchaya

لبنان بلد صغير من حيث المساحة وعدد السكان مقارنة بعدد البلديات الموجودة فيه، حيث يبلغ عددها حوالي 1,063 بلدية موزعة على مساحة 10,452 كلم². هذا يعني أن هناك بلدية لكل 10 كلم² تقريبًا، وهو معدل مرتفع جدًا مقارنة بدول أخرى تمتلك مساحات أوسع وسكانًا أكثر، ولكن بعدد بلديات أقل.

مقارنة لبنان بدول أخرى من حيث عدد البلديات

• فرنسا (643,801 كلم² – 68 مليون نسمة): لديها حوالي 34,900 بلدية، لكن تم دمج العديد منها ضمن اتحادات بلدية كبرى.
• ألمانيا (357,022 كلم² – 84 مليون نسمة): تضم 10,700 بلدية، وتمتلك نظامًا إداريًا متطورًا يدمج الخدمات لتخفيف العبء المالي.
• تركيا (783,356 كلم² – 85 مليون نسمة): لديها 1,398 بلدية، أي عدد قريب من لبنان رغم أن مساحتها 78 مرة أكبر!
• الإمارات (83,600 كلم² – 9.5 مليون نسمة): تضم 7 بلديات رئيسية فقط لكل إمارة، تعمل بكفاءة عالية من خلال تقنيات الذكاء الاصطناعي والحوكمة الإلكترونية.

لماذا يجب إعادة هيكلة النظام البلدي في لبنان؟

تقليل الهدر المالي والإداري

• العديد من البلديات الصغيرة تعاني من ضعف الموارد المالية، مما يجعلها غير قادرة على تنفيذ مشاريع تنموية.
• يمكن دمج البلديات المتجاورة لتقليل المصاريف الإدارية وزيادة القدرة على تنفيذ المشاريع الكبرى.
• تشير التقديرات إلى أن 30-40% من الميزانيات البلدية تهدر بسبب سوء الإدارة وتكرار الوظائف الإدارية.

تحسين كفاءة الخدمات

• بدلًا من أن يكون لكل بلدية جهاز إداري مستقل، يمكن إنشاء مراكز خدمات موحدة تغطي عدة بلدات، مثلما تفعل الدول المتقدمة.
• يمكن توحيد مشاريع البنية التحتية، مثل شبكات الطرق والصرف الصحي، لتحسين جودتها وتخفيض تكلفتها.
• من خلال إعادة الهيكلة، يمكن تقليل التعقيدات البيروقراطية، مما يؤدي إلى تسريع تنفيذ المشاريع بنسبة 25-30%.

تعزيز استخدام التكنولوجيا والإدارة الذكية

• يمكن اعتماد تقنيات البلدية الذكية (Smart Municipality) التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي والحوكمة الإلكترونية، مما يحسن التواصل بين المواطنين والإدارة المحلية.
• في إستونيا، الدولة الصغيرة، تعتمد البلديات على نظام رقمي متكامل يجعل إنجاز المعاملات أسرع وأسهل، ويمكن للبنان الاستفادة من هذه التجربة.
• تشير الدراسات إلى أن تحويل العمليات البلدية إلى أنظمة إلكترونية يقلل الفساد بنسبة 60%، من خلال تعزيز الشفافية وتقليل التدخل البشري في المعاملات.

تقوية التنمية الاقتصادية

• البلديات الأكبر تستطيع جذب استثمارات وتمويل مشاريع صناعية وسياحية وزراعية بشكل أفضل.
• بدلًا من بلدية صغيرة غير قادرة على التطوير، يمكن إنشاء مجالس بلدية إقليمية تدير مناطق أوسع بموارد أقوى.

دور المحافظ، قائم المقام، والمجلس البلدي في تحقيق التنمية

دور المحافظ وقائم المقام في تفعيل التنمية المحلية

يُعتبر المحافظون وقائمو المقام حلقة الوصل بين البلديات ووزارة الداخلية، حيث يتابعون تنفيذ القوانين، يراقبون المشاريع التنموية، ويضمنون التنسيق بين البلديات المتجاورة.
• المحافظ: يشرف على تنفيذ المشاريع التنموية في نطاق المحافظة، ويتابع أداء البلديات، ويضمن حسن استخدام الموارد.
• قائم المقام: يلعب دورًا تنسيقيًا مباشرًا مع البلديات، حيث يسهل تنفيذ القرارات المركزية على المستوى المحلي ويعالج المشكلات الإدارية والتنموية.

هل يمكن تحويل اتحادات البلديات إلى مراكز خدمات إدارية؟

حتى عام 2015، كان هناك 53 اتحاد بلديات تضم 627 بلدية، مما يعني أن 386 بلدية لم تكن منضوية في أي اتحاد.

لكن هذه الاتحادات تعاني من ضعف في الموارد وعدم الفعالية بسبب التداخل في الصلاحيات. لذا، يمكن اقتراح نموذج جديد يقوم على تحويل اتحادات البلديات إلى مراكز خدمات بلدية إدارية، بحيث يصبح كل مركز حلقة وصل بين البلديات ووزارة الداخلية، مع صلاحيات واضحة تشمل:

• إدارة المشاريع المشتركة بين البلديات (كالبنية التحتية والصرف الصحي والنقل).
• تقديم الخدمات الإلكترونية للمواطنين، مما يسهل الإجراءات الإدارية ويوفر الوقت والجهد.
• الإشراف على التخطيط العمراني والبيئي لضمان تنمية مستدامة في المناطق.

اقتراح لنظام جديد: تقليص عدد البلديات وتعزيز عمل المراكز البلدية

يمكن إعادة هيكلة النظام البلدي من خلال :

  • إلغاء اتحادات البلديات الحالية واستبدالها بمراكز خدمات بلدية تخدم عدة بلدات ضمن نطاق إداري واحد.
  • تقليص عدد البلديات إلى حوالي 250-300 بلدية بدلًا من 1,063، لضمان إدارات محلية أكثر قوة واستقلالية.
  • تفعيل رقمنة الإدارة البلدية، بحيث يتم تحويل معظم المعاملات إلى أنظمة إلكترونية.
  • تعديل قانون الانتخابات البلدية لاعتماد التمثيل النسبي، مما يضمن تمثيلاً أوسع للمجتمع المحلي.
  • إعادة تحديد مهام المحافظ وقائم المقام بحيث يصبح دورهما أكثر فعالية في دعم التنمية بدلًا من الدور الرقابي التقليدي.

رسالة إلى نواب التغيير ووزارة الداخلية : نحو تحديث قانون البلديات لتحقيق اللامركزية والتمثيل النسبي

السادة نواب التغيير، نواب الأمة، ومعالي وزير الداخلية،

إن لبنان يمر بمرحلة حاسمة تتطلب قرارات جريئة لإصلاح المؤسسات وتعزيز التنمية المحلية. البلديات هي العمود الفقري للإدارة المحلية، ولكن القانون الحالي لم يعد يتناسب مع التحديات الاقتصادية والإدارية التي تواجهها البلديات، بل أصبح جزءًا من المشكلة بدلًا من أن يكون أداة للحل.

نضع بين أيديكم هذا المقترح لتحديث قانون البلديات، الذي يستند إلى إعادة هيكلة البلديات وفق رؤية حديثة تعتمد على اللامركزية الإدارية الحقيقية، والتمثيل النسبي، وتفعيل الحوكمة الإلكترونية، مما يحقق:

  • تقليل الهدر الإداري بنسبة 30-40% من خلال دمج البلديات الصغيرة ضمن وحدات إدارية فعالة.
  • تعزيز التنمية الاقتصادية عبر تحويل اتحادات البلديات إلى مراكز خدمات بلدية تخدم مناطق أوسع بقدرات مالية وإدارية أقوى.
  • تقليص التعقيدات البيروقراطية، مما يسرّع تنفيذ المشاريع بنسبة 25-30%.
  • اعتماد أنظمة إلكترونية حديثة، مما يقلل الفساد ويزيد الشفافية بنسبة 60%.
  • تعديل قانون الانتخابات البلدية ليعتمد التمثيل النسبي، مما يتيح مشاركة أوسع في الحكم المحلي.

نحن على ثقة بأنكم قادرون على حمل هذا المشروع إلى قبة البرلمان وإلى مجلس الوزراء، ونتطلع إلى تعاونكم من أجل وضع مشروع قانون جديد للبلديات والحوكمة المحلية، يكون منطلقًا لإعادة بناء الدولة على أسس حديثة.

في الانتخابات المقبلة بعد سته سنوات، سيكون التغيير الحقيقي ممكنًا من خلال العمل من الان على طرح التعديلات القانونية تبني مشاريع إصلاحية جذرية تضع لبنان على مسار التنمية والاستقرار. فلنكن جزءًا من هذا التغيير.

اخترنا لك