لبنان في قلب المواجهة…

هل تكون بداية نهاية ولاية الفقيه ؟

يبرز لبنان اليوم كجبهة محورية في الصراع المفتوح بين الولايات المتحدة والنظام الإيراني، وسط تحوّل واضح في الخطاب الأميركي من التهدئة إلى المواجهة. فقد أعلنت شخصيات أميركية بارزة، وفي مقدّمها مورغان أورتاغوس، نهاية زمن المجاملات مع وكلاء طهران، ودعت بشكل صريح إلى “اقتلاع “حزب الله” كالسّرطان من لبنان لإنقاذه”. هذه التصريحات لا تعبّر فقط عن رفض للنفوذ الإيراني في لبنان، بل تنذر بإعادة رسم خريطة القوى في المنطقة، وربما تقرع أجراس النهاية لـنظام ولاية الفقيه.

منذ تأسيسه في ثمانينيات القرن الماضي بدعم مباشر من طهران، تحوّل “حزب الله” إلى أداة أساسية في مشروع تصدير الثورة الإيرانية. مدعومًا بالتمويل والسلاح والتدريب، نجح الحزب في ترسيخ قبضته على القرار اللبناني، مستفيدًا من سردية “المقاومة” لمواجهة العدو الصهيوني وتبرير تغلغله في مفاصل الدولة. لكن ومع تفاقم الأزمات الاقتصادية والسياسية، بات الحزب يُمثّل عبئًا على لبنان، وعقبة أمام الإصلاح والإنقاذ، بل رهينة بيد النظام الإيراني.

التصعيد الأميركي الأخير يهدف إلى تفكيك شبكة الوكلاء التي بنتها طهران في المنطقة، ولبنان هو الحلقة الأخطر والأكثر هشاشة في هذه السلسلة. أي ضربة قوية لـ”حزب الله” قد تؤدي إلى زعزعة المنظومة التي يعتمد عليها النظام الإيراني لتوسيع نفوذه، بدءًا من العراق وسوريا، وصولًا إلى اليمن وغزّة. ومن هنا، فإن إضعاف الحزب في لبنان لا يهدف فقط إلى إنقاذ البلد، بل إلى كسر العمود الفقري لمشروع ولاية الفقيه خارج حدود إيران.

على الصعيد الداخلي الإيراني، يُواجه النظام غضبًا شعبيًا متزايدًا، وحراكًا احتجاجيًا يتغذّى من الأزمات الاقتصادية والمعيشية المتفاقمة بفعل العقوبات. في مثل هذا السياق، فإن خسارة “حزب الله” ستُشكّل ضربة نفسية وسياسية مدوّية للنظام، تُفقده واحدة من أهم أدوات التأثير الإقليمي، وتُعمّق عزلته وتُضعف شرعيته أمام الداخل والخارج.

المعركة اليوم ليست فقط على أرض لبنان، بل على مستقبل الشرق الأوسط. فما بين سياسة “الاحتواء” التي فشلت في كبح إيران، واستراتيجية “الاجتثاث” التي تُلوّح بها واشنطن، يقف لبنان عند مفترق طرق حاسم: إما أن يتحرّر من قبضة الحزب ويستعيد سيادته، أو يبقى غارقًا في مستنقع النفوذ الإيراني والانهيار المتواصل.

في الخلاصة، ما يحدث في لبنان ليس تفصيلًا جانبيًا، بل معركة فاصلة قد تُطلق سلسلة ارتدادات تصل إلى قلب طهران. إذا نجحت الاستراتيجية الأميركية في كبح جماح “حزب الله”، فربما نكون على أعتاب أفول نظام ولاية الفقيه، وبداية مرحلة جديدة تعيد التوازن للمنطقة، وتمنح لبنان فرصة حقيقية للنهوض من تحت الأنقاض.

اخترنا لك