أزمة نووية تعصف بـ طهران…

ارتباك داخل النظام في إيران وخوف في أوساط الحرس الثوري

تشهد الجمهورية الإسلامية الإيرانية واحدة من أخطر أزماتها منذ سنوات، مع تصاعد التوترات بشأن الملف النووي وعودة المفاوضات مع الولايات المتحدة. وبحسب مراقبين، فإن الأزمة الحالية التي تشكلت على خلفية جولة محادثات عُقدت في العاصمة العُمانية مسقط في نيسان 2025، تكشف عن ضعف غير مسبوق في بنية النظام الإيراني، وسط قلق متزايد لدى القيادة العليا والحرس الثوري.

في هذا السياق، بدا الولي الفقيه علي خامنئي، الذي عادة ما يتسم خطابه بالثبات والحسم، مرتبكًا في مواقفه. ففي تصريح بعد جولة المحادثات، قال خامنئي: “لسنا متفائلين ولا متشائمين”، محذرًا في الوقت ذاته من “تكرار خطأ الاتفاق النووي لعام 2015″، في إشارة إلى ضرورة عدم ربط مصير البلاد بمسار التفاوض. هذا التصريح، برأي محللين، يعكس أزمة داخلية عميقة وتخبطًا في المقاربة السياسية للنظام.

الحرس الثوري، بدوره، عبّر عن قلقه بشكل غير مباشر، إذ أكد المتحدث باسمه، علي محمد نائيني، أن “الأمن الوطني والقدرات الدفاعية خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها”. لكن المراقبين يرون في هذه التصريحات محاولة لحجب واقع هشاشة النظام أمام الضغوط الأميركية، لا سيما مع إصرار واشنطن على العودة إلى الاتفاق النووي بشروط أكثر صرامة، تشمل رقابة موسعة وتنازلات ملموسة، في مقابل رفع تدريجي للعقوبات.

مصادر دبلوماسية أفادت بأن جولة مسقط كشفت عن اتساع الهوة بين الطرفين، إذ تصر إيران على رفع كامل للعقوبات كشرط مسبق، بينما ترفض الولايات المتحدة تقديم أي تنازل قبل التزام طهران بمسؤولياتها النووية. هذا التباين الحاد، وسط توتر إقليمي متفاقم بفعل الحرب في غزة، يعمق مأزق النظام الإيراني، الذي يعاني أصلًا من أزمات اقتصادية خانقة وعزلة إقليمية متنامية.

ويحذّر محللون من أن استمرار الأزمة دون حل قد يؤدي إلى تصعيد ميداني أو فرض عقوبات دولية إضافية، ما يهدد بتداعيات خطيرة على الداخل الإيراني. وفي حال قبول النظام بشروط الاتفاق، فإن ذلك قد يُفقده هيبته أمام الرأي العام الإيراني، الذي يراقب تطورات الملف النووي عن كثب.

في المحصلة، يجد النظام الإيراني نفسه أمام خيارات صعبة، بين الرضوخ لمطالب دولية صارمة أو المخاطرة بمزيد من العزلة والانهيار الاقتصادي، في ورطة تاريخية غير مسبوقة تُربك القيادة وتُقلق الحرس الثوري.

اخترنا لك