لبنان في قلب الصراع : نهاية سياسة المهادنة ونهاية نظام ولاية الفقيه

بقلم د. أحمد ياسين

تُسلط تصريحات مورغان أورتاغوس الضوء على لبنان كجزء لا يتجزأ من استراتيجية الولايات المتحدة لمواجهة النظام الإيراني ووكلائه في المنطقة. في حديثها مع “العربية”، أكدت أورتاغوس أن “إذا أراد لبنان النجاة، فعليه أن يقتلع حزب الله كالسرطان من جسده”، وهي عبارة تعكس تحولاً جذرياً في السياسة الأمريكية من المهادنة إلى المواجهة المباشرة. هذا التحول لا يهدف فقط إلى تحجيم نفوذ النظام الإيراني في لبنان، بل يمكن أن يكون الخطوة الحاسمة نحو إنهاء نظام ولاية الفقيه الذي يعتمد بشكل كبير على حزب الله كذراع رئيسي.

حزب الله: العمود الفقري لنفوذ النظام الإيراني في لبنان

منذ تأسيسه بدعم النظام الإيراني في الثمانينيات، أصبح حزب الله لاعباً مركزياً في لبنان، ليس فقط كقوة عسكرية، بل ككيان سياسي واقتصادي يهيمن على مفاصل الدولة. دعم النظام الإيراني لهذا الحزب، من تمويل وتسليح إلى تدريب، جعله أداة رئيسية في مشروع ولاية الفقيه لتصدير الثورة ومواجهة إسرائيل والغرب. لكن تصريحات أورتاغوس تُظهر أن الولايات المتحدة لم تعد مستعدة للتسامح مع هذا الوجود. دعوتها لاستئصال حزب الله تُشير إلى استراتيجية تهدف إلى تفكيك شبكة وكلاء النظام الإيراني، بدءاً من لبنان.

لبنان، الذي يعاني من أزمات اقتصادية وسياسية غير مسبوقة، أصبح رهينة لحزب الله الذي يعيق أي إصلاحات جوهرية بسبب سيطرته المسلحة وارتباطه بالنظام الإيراني. موقف أورتاغوس يعكس فهماً أمريكياً بأن إنقاذ لبنان يتطلب القضاء على هذا النفوذ، وهو ما يضع ضغطاً مباشراً على نظام ولاية الفقيه الذي يعتمد على حزب الله كرمز لنجاحه الإقليمي.

قطع أذرع خامنئي: تداعيات إضعاف حزب الله

حزب الله ليس مجرد وكيل عسكري للنظام الإيراني، بل هو ركيزة أساسية في رواية “المقاومة” التي يروج لها علي خامنئي لتعزيز شرعيته داخل إيران وخارجها. إذا نجحت الولايات المتحدة وحلفاؤها في إضعاف حزب الله أو نزع سلاحه، فإن ذلك سيُلحق ضرراً بالغاً بمصداقية النظام الإيراني. فقدان هذا الذراع الرئيسي في لبنان سيُضعف قدرة النظام الإيراني على التأثير في المنطقة، مما يُعزز عزلته ويُقلص موارده.

داخل إيران، حيث تواجه الحكومة احتجاجات متكررة وسخطاً شعبياً متزايداً، ستكون خسارة حزب الله بمثابة ضربة معنوية واقتصادية. النظام الذي أنفق مليارات الدولارات على دعم وكلائه سيجد نفسه أمام شعب يطالب بالمحاسبة، خاصة مع تفاقم الأزمات الاقتصادية الناتجة عن العقوبات.

نهاية ولاية الفقيه: من لبنان إلى طهران

سياسة المواجهة التي عبّرت عنها أورتاغوس، إلى جانب الضغوط الإقليمية والدولية، قد تُشكل بداية النهاية لنظام ولاية الفقيه. لبنان، كساحة رئيسية لنفوذ النظام الإيراني، يمكن أن يكون نقطة الانهيار التي تُسرع انهيار النظام في طهران. بدون حزب الله كقوة فعالة، سيفقد النظام الإيراني أحد أهم أدواته للتأثير في الشرق الأوسط، مما يُعزز الضغوط الداخلية على خامنئي ونظامه.

بالخلاصة، إن تصريحات مورغان أورتاغوس حول لبنان تُظهر نهاية حقبة المهادنة مع النظام الإيراني وبداية مرحلة جديدة من المواجهة. حزب الله، كذراع رئيسي لنظام ولاية الفقيه، يواجه تهديداً وجودياً قد يمتد تأثيره إلى طهران. إذا تمكنت الولايات المتحدة من تفكيك هذا النفوذ في لبنان، فإن ذلك قد يكون الخطوة الحاسمة نحو إنهاء حكم خامنئي، ممهدةً الطريق لتغيير جذري في إيران والمنطقة بأسرها.

اخترنا لك