الشياح – عين الرمانة : ظن القذافي أنهما دولتان !

بقلم محمد عبدالله

يحيي لبنان كل عام في الثالث عشر من نيسان ذكرى اندلاع ما سميت الحرب الأهلية، بين أطراف وأحزاب سياسية لبنانية وفصائل فلسطينية لدى بعضها تبعات ومرجعيات إقليمية ودولية .

ويبقى وصف الراحل الكبير غسان تويني هذه الحرب الضروس بأنها “حرب الآخرين على أرضنا”، الأقرب إلى الواقع من كونها حرباً أهلية.

فالواضح من التجارب التاريخية أن لبنان ساحة صراع للاستخبارات الدولية وتصفية الحسابات، وتبادل شعارات او استشعارات ورسائل دولية مغلفة بقوى محلية .

هذا ما يعيشه لبنان منذ تأسيسه إلى اليوم. فالممارسة السياسية بأحزابها وتياراتها تؤكد المؤكد، وهو ما قاله يوماً الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي: “كنا ندعم حرباً ظننا انها بين دولتين، وإذا بها بين شارعين متقابلين في لبنان، وهنا كان يقصد الشياح وعين الرمانة!

خمسون سنة تشكل اليوبيل “الذهبي” لاندلاع شرارة الحرب، ولايزال قسم كبير من اللبنانيين ولاسيما منهم الجيل الجديد الذي يفترض أن يتعظ من مآسي الحرب ونتائجها، يحمل ترسّبات ومفاهيم وجدليات وأفكاراً تلتصق بالحرب والانقسام والتقوقع.

خمسون سنة أثبتت في نتائجها أن المواطن اللبناني الحر المستقل لم يستفد منها، بينما سمعنا بأثرياء الحرب وزعماء الحرب، الذين تاجروا بالوطنية وامتهنوا الشعبوية، على حساب الشعب اللبناني الذي ازداد فقراً ولم يحصد سوى الدمار لمستقبله ومسكنه وعمله .

وفي استطلاع أجرته “النهار” و”الدولية للمعلومات” لآراء اللبنانيين حول الحرب، كانت النتيجة على الشكل الآتي: إقامة الدولة المدنية هي الحل، إسرائيل العدو الأول، أداء إيران سلبي وقلق من تجدّد الحرب.

وتوزع المستطلَعون وفقاً للطائفة على النحو الآتي: 21.1% موارنة، 6.7% أرثوذكس، 3.7% كاثوليك، 2% أرمن أرثوذكس/كاثوليك، 29.1% سنّة، 29% شيعة، 6.4% دروز، 1% علويّون، و1.1% أقليّات مسيحية.

ووصف 40.7% من المستطلَعين الحرب التي اندلعت في 13 نيسان 1975 بأنها حرب أهلية لبنانية، فيما وصفها 38.5% بأنها حرب الآخرين على أرضنا، بينما اعتبرها 8.8% من المستطلَعين حرباً لتوطين الفلسطينيين.

وأفادت نسبة كبيرة من المستطلَعين، بلغت 81.9%، أن مصادر معلوماتهم عن الحرب هي الأهل والأصدقاء، في حين أشار 44.8% إلى أن معلوماتهم جاءت من الصحف ووسائل الإعلام. أما 28.3% من المستطلَعين فقد تحدثوا عن تجربة شخصية، بينما حصل 13.4% على معلوماتهم من خلال كتب ومراجع عن الحرب.

واعتبر 65.3% من المستطلَعين أن الحل الأفضل للوضع في لبنان هو إلغاء الطائفية السياسية وإقامة الدولة المدنية، بينما رأى 8.8% أن اعتماد النظام الفيديرالي هو الحل. وأشار 4.6% إلى أن التوافق الوطني بين جميع اللبنانيين يشكل حلاً للوضع الراهن في البلد.

ولعلّ ما يلفت في الاستطلاع هو شبه إجماع اللبنانيين على اعتبار اسرائيل عدواً اولّ (75.3%)، وهذا دليل على اجتماع اللبنانيين على مواجهة العداء الخارجي، وهو ما شهدناه في العدوان الاسرائيلي الأخير وبعده. ولعلّ هذا التقارب يستمر في معظم الملفات.

يبقى الرهان على أن تدفن عقلية الحرب المترسخة في اذهان اللبنانيين، مع الإشارة الى ان “بوسطة” عين الرمانة الشهيرة التي كلفت لبنان حرباً بمئات مليارات الدولارات، اشتراها السيد جواد عدرة بمبلغ عشرين ألف دولار ونقلها إلى متحف نابو في جبيل، لتكون من ضمن مقتنياته، على أمل أن تبقى ذكرى الحرب في المتاحف وألا نراها واقعاً من جديد.

اخترنا لك