طهران تغيّر مسارها…

ميناء بيروت بوابة تهريب جديدة لـ"حزب الله"

بعد الانهيارات الاستراتيجية التي ضربت الجسر البري بين طهران و”حزب الله”، باتت إيران تُعيد تموضعها عبر البحر. ومع انسداد الطرق البرية بفعل التوترات الإقليمية، لجأ النظام الإيراني إلى خيار أكثر جرأة وهو تحويل ميناء بيروت إلى شريان تهريب بديل، في محاولة للإبقاء على تدفق الصواريخ والمعدات العسكرية إلى “حزب الله”، رغم تصاعد الضغوط الدولية.

التقارير الاستخباراتية تكشف عن تفعيل وحدات خاصة من “قوات قدس”، مهمتها تنسيق عمليات شحن الأسلحة من إيران، إما مباشرة إلى بيروت أو مرورًا بدول وسيطة. هذه الشحنات تمر عبر سفن مدنية، مستغلة حالة التراخي الأمني في بعض مراحل التفتيش البحري، ومستخدمة تغليفات وهمية أو تصاريح تجارية مموهة.

ميناء بيروت، الذي ما زال يتعافى من كارثة 4 آب، أصبح اليوم هدفًا استراتيجيًا لطهران. فعلى الرغم من عمليات الترميم المحدودة، يُوفّر الميناء ثغرات لوجستية وأمنية تستغلها إيران لتمرير شحناتها، ما يطرح علامات استفهام كبرى حول الرقابة المفروضة عليه. هذا التكتيك البحري الجديد، وإن دلّ على مرونة إيران الاستخباراتية، إلا أنه يكشف هشاشة بنيتها الاستراتيجية، نظام محاصر، يغامر بأدوات محدودة وبخطط عالية المخاطرة لضمان استمرار نفوذ وكيله في لبنان.

غير أن هذه المحاولات قد تنقلب على طهران، فالمسارات البحرية عرضة للاختراق والرصد أكثر من أي وقت مضى، في ظل رقابة متزايدة من قبل الأجهزة الغربية والإقليمية. كما أن استمرار هذه العمليات يهدد بإدخال لبنان مجددًا في دائرة الاشتباه الدولي، وسط أزمة اقتصادية وسياسية لا تحتمل المزيد من التصعيد.

باختصار، خيار إيران البحري لا يعكس فقط تكيّفًا تكتيكيًا، بل أيضًا ارتباكًا استراتيجيًا قد يضاعف عزلتها، ويضع “حزب الله” أمام تحديات لوجستية وأمنية متزايدة… وربما يفتح الباب لمواجهة جديدة، على المرفأ نفسه الذي لم يَشْفَ بعد.

اخترنا لك