تفجير مرفأ بيروت بين روايات مفبركة وصواريخ دقيقة تعود لـ”حزب الله”

عملية عسكرية نوعية نفذتها وحدات “كومندوس بحري” تابعة للعدو الصهيوني !

في الرابع من آب 2020، شهدت بيروت أحد أكثر الأيام دموية في تاريخها المعاصر، عندما هزّ العاصمة تفجير مروّع في مرفأها البحري، خلّف أكثر من 220 شهيدًا وآلاف الجرحى والمشردين، وترك المدينة تغرق في ركامها، حرفيًا ومعنويًا. وعلى الرغم من مرور ما يقارب الأربع سنوات، لا تزال الحقيقة الكاملة حبيسة الغموض والضغوط السياسية، فيما يتعثر التحقيق القضائي وتتآكل ثقة الناس بمؤسساتهم.

الرواية الرسمية… ونقاط الضعف

تُحمّل الرواية الرسمية مسؤولية التفجير إلى اشتعال كمية هائلة من نترات الأمونيوم كانت مخزّنة في العنبر رقم 12 منذ عام 2013، بعد مصادرتها من سفينة كانت متجهة إلى موزمبيق. وتقول السلطات إن شرارة حريق اندلع في مستودع قريب يحتوي على مواد قابلة للاشتعال وألعاب نارية تسببت في تفجير المواد الكيميائية.

لكن هذه الرواية، وإن بدت للوهلة الأولى منطقية، سرعان ما انهارت أمام سيل من المعطيات التي تشير إلى احتمال وجود سيناريوهات أكثر تعقيدًا وخطورة. فطبيعة التفجير، ومسار العصف، وأبعاد الحفرة التي خلّفها، لا تتطابق مع مجرد احتراق عرضي لمواد كيميائية مهملة.

فرضية العمل التخريبي والتسلل البحري

وفقًا لمعلومات أمنية خاصة حصلت عليها “بوابة بيروت”، فإن ما جرى قد لا يكون حادثًا عرضيًا، بل عملية تفجير مدبّرة نُفّذت بدقة من خلال وحدة “كومندوس بحري” تابعة للعدو الصهيوني. وبحسب مصدر أمني مطّلع، نفّذت وحدة خاصة هذه العملية عبر زورق مطاطي حربي تسلل ليلًا إلى المياه الإقليمية اللبنانية، وزرع عبوات ناسفة تحت العنبر رقم 12، ما أدى إلى تفجير البنية التحتية بشكل عمودي من الأسفل إلى الأعلى، وهو ما تؤكده زاوية الانفجار وعمق الحفرة الهائلة في الأرض.

وتعزز هذه الفرضية أيضًا معلومات مستقاة من تقارير فرنسية اطّلع عليها الرئيس إيمانويل ماكرون قبل زيارته السريعة لبيروت، وتُشير إلى أن العنبر قد استُخدم لتخزين مواد مرتبطة بصواريخ دقيقة تعود إلى “حزب الله”، ما جعله هدفًا استراتيجيًا للعدو “الإسرائيلي”، الذي قد يكون خطّط لتفجير مخزون اعتبره تهديدًا مباشرًا.

الشبهات تتزايد… وأدوار متعددة

ما يزيد من ريبة المراقبين، هو رصد تحليق طائرات حربية ومسيّرات لحظة وقوع التفجير، وسط تشويش إلكتروني غطّى المنطقة، يُرجّح أنه كان مخصّصًا لتعطيل الاتصالات ورصد نتائج العملية. ورغم عدم العثور على بقايا صواريخ أو شظايا، إلا أن غياب هذه الأدلة لا ينفي بالضرورة فرضية التفجير الخارجي، بل قد يشير إلى مستوى عالٍ من الإعداد والتنفيذ المحترف.

وتتحدث مصادر مطلعة عن تواطؤ أجهزة أمنية لبنانية وسورية في التستّر على المعطيات الحقيقية، بعلم حكومة حسان دياب، وتحت غطاء سياسي من “حزب الله”، الأمر الذي ساهم في تعطيل التحقيقات وطمس معالم الجريمة.

التحقيق… بين التجميد والتسييس

التحقيق القضائي المحلي لم يسلم من التدخلات السياسية، إذ أُوقف مرارًا نتيجة دعاوى كيدية استهدفت المحققين العدليين، لا سيما القاضي طارق البيطار، الذي واجه حملات ممنهجة وضغوطًا هائلة بلغت حدّ التهديد المباشر. ومع ذلك، لا يزال مصير العدالة معلقًا في انتظار قرار سياسي يبدو بعيد المنال.

الحقيقة لا تموت

بعد أكثر من ثلاث سنوات على التفجير، لا يزال اللبنانيون والعالم يطالبون بكشف الحقيقة الكاملة وراء أكبر تفجير غير نووي في القرن الحالي. فهل ما حصل هو مجرد إهمال إداري مأساوي؟ أم أننا أمام جريمة أمنية مدبّرة على مستوى إقليمي ودولي؟

إن تفجير مرفأ بيروت ليس مأساة عابرة في سجل الكوارث، بل جريمة بحجم وطن. ولا يمكن بناء عدالة حقيقية على روايات مجتزأة أو غموض مقصود. لذا، يبقى التحقيق الدولي المستقل مطلبًا ملحًّا لا بدّ منه، لأن الحق لا يُدفن، حتى وإن مرّت عليه سنوات من التراب والتعتيم.

اخترنا لك