الجمعة الحزينة وجوهر آلام السيد المسيح

محمود شعيب – كاتب وناشط سياسي

كإنسانٍ مسلم، أجد في ذكرى الجمعة الحزينة وآلام المسيح عليه السلام وقفةً وجدانية تتجاوز الأديان والمذاهب، وتصل إلى جوهر الإنسانية. عيسى بن مريم، نبي الله وكلمته وروحه التي ألقاها إلى مريم، هو في ديننا نبي عظيم، طاهر، زاهد، مخلِص في دعوته، رفعه الله إليه تكريمًا وحمايةً من ظلم البشر.

حين أتأمل في ما يُروى عن آلامه، لا أنظر إليه كحدث تاريخي فقط، بل كرسالة حيّة تدعونا جميعًا، نحن المؤمنين، إلى التواضع، الصبر، والتضحية في سبيل الحق وخدمة الناس. فالمعاناة التي مرّ بها عيسى عليه السلام، سواء في دعوته أو في مواجهة الأذى، تشبه طريق كل من سلك درب الإصلاح في وجه الفساد والظلم.

الجمعة الحزينة، وإن لم نحييها كمسلمين ضمن شعائرنا، إلا أن جوهرها الإنساني يذكّرنا بقيمة التضحية من أجل الآخرين، وبالرحمة التي هي جوهر الدين. فكما صبر عيسى على الأذى، وكما دعا إلى المحبة، نحن مأمورون في ديننا بأن نردّ السيئة بالحسنة، وأن نحمل همّ الناس، ونسعى لخدمتهم بإخلاص.

إن أسلوب حياة المسيح، كما صوّره القرآن، كان ملآنًا بالزهد والتقوى والرحمة. فلو جعلنا من سيرته ملهماً لنا، لكانت حياتنا أكثر نقاءً، ومجتمعاتنا أكثر عدلاً ورحمة.

الجمعة الحزينة إذًا، تذكيرٌ لنا بأن طريق الأنبياء واحد في جوهره: الصبر على البلاء، مواجهة الطغيان بالحق، وخدمة الناس بالحب. وهي دعوة لأن نكون نحن، كأبناء هذا الشرق المجروح، أكثر إنسانية، أكثر تضحية، وأكثر تواضعًا، فنُحيي القيم التي بُعث من أجلها الأنبياء جميعًا، لا بالكلام، بل بالفعل.

اخترنا لك