في مشهدٍ أصبح من علامات الزمن السياسي الحديث، خرج آلاف الإيرانيين وأصدقائهم في 14 عاصمة ومدينة كبرى حول العالم يومي 18 و19 نيسان 2025، رافعين شعاراً موحداً: “لا للشاه، لا للملالي – نعم للثورة الديمقراطية”. هذه التظاهرات، التي نظّمها المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومناصرو منظمة “مجاهدي خلق”، لم تكن مجرّد استعراض للمظلومية، بل كانت إعلانًا واضحًا عن انتقال الشعب الإيراني إلى مرحلة جديدة من المقاومة المنظمة العابرة للحدود.
في برلين وحدها، تحوّل التجمع إلى ما يشبه معرضًا للذاكرة الشعبية، حيث ارتفعت أعلام إيران ما قبل حكم الملالي، وصور الشهداء الذين سقطوا في معتقلات السافاك بالأمس وسجون قزل حصار اليوم. بدا أن الشعب الإيراني، وإن اختلفت انتماءاته، قد اجتمع على قاسم مشترك: إسقاط رموز الاستبداد، سواء كان بزيّ التاج أو العمامة.
التاريخ لا يُنسى… لكنه لا يُكرَّر
هذه التظاهرات تزامنت مع الذكرى السنوية لمجازر نظام الشاه، ومنها مذبحة تلال إيفين عام 1975، ما يفتح جرحًا لم يندمل، ويعيد التذكير بأن من يرفع لواء حقوق الإنسان اليوم، لا يمكن أن يعود لتمجيد من اعتقل، وعذّب، وأعدم آلاف الأبرياء بالأمس. لا تسامح مع الشاه، ولا تهاون مع خامنئي. كلا النظامين نهب البلاد، وقتل الآمال، وكرّس القمع.
لكن الرسالة الأقوى جاءت من مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، حين خاطبت المتظاهرين قائلة: “لا عودة إلى الماضي، ولا جمود في الحاضر”. هذه العبارة تختصر جوهر المعركة: ليست مواجهة ضد نظام واحد فقط، بل ضد كل منظومة تعتقد أن الشعب يمكن أن يُخدع مرتين.
الإعدامات… آخر أوراق نظام يترنّح
في ظل هذه الانتفاضة المتعددة الجبهات، تتسارع وتيرة الإعدامات في الداخل الإيراني. في أيام قليلة فقط، أعدم النظام 22 سجينًا، بينهم خمسة سجناء سياسيين وثلاث نساء. إنه جنون الهروب إلى الأمام: نظام يدرك أن نهايته تقترب، فيحاول عبر الدم أن يؤخر سقوطه. لكنه ينسى أن كل شهيد يسقط، يوقظ عشرة آلاف آخرين.
إن ما يحدث اليوم في إيران ليس مجرّد احتجاجات متفرقة. إنها استعادة لثورة سرقها الملالي بعد عام 1979، وتحريرٌ لذاكرة وطن حاولوا طمسها. وحدات المقاومة، المستلهمة من انتفاضة مهسا أميني، تُعيد تشكيل وجدان شعب، وتؤسس لمستقبل لا يتسع للديكتاتورية، مهما تغيّرت أقنعتها.
رسالة إلى العالم: لا عذر بعد الآن
بينما تتصاعد أصوات الإيرانيين في شوارع باريس، سيدني، لوس أنجلوس، وبرلين، لا بد للعالم أن يستمع بجدّية. إن الإدانات لم تعد كافية. المطلوب إجراءات: مقاطعة النظام، تجميد أصول قياداته، طرد سفرائه، وتصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية في الاتحاد الأوروبي كما هو الحال في الولايات المتحدة.