يُمثل شهداء منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، الذين سقطوا على يد نظام الشاه في سبعينيات القرن الماضي، رمزًا للمقاومة ضد الاستبداد، ومصدر إلهام للشعب الإيراني في نضاله ضد الديكتاتورية، سواء تحت حكم الشاه أو نظام ولاية الفقيه. تجسّد تضحياتهم، التي بدأت مع إعدام مؤسسي المنظمة في 19 أبريل 1972، واستمرت مع تصفية سجناء سياسيين عام 1975، جذور مقاومة شعبية لا تزال تنبض برفض القمع والظلم.
تضحيات أسست للمقاومة
في عام 1972، أُعدم أربعة من مؤسسي منظمة مجاهدي خلق -علي باكري، ناصر صادق، علي ميهندُست، ومحمد بازركاني- بعد أشهر من التعذيب في سجون جهاز السافاك التابع لنظام الشاه. كما تم عام 1975 تصفية تسعة سجناء سياسيين، من بينهم كاظم زولنوار ومصطفى جوان خوشدل من مجاهدي خلق، إلى جانب بيجان جزني وحسن ضياء ظريفي من فدائيي خلق. هذه التضحيات لم تكن مجرد خسائر بشرية، بل كانت بذورًا زُرعت في وعي الشعب الإيراني، لتؤكد أن مقاومة الاستبداد واجب وطني لا يتوقف عند حدود نظام معين.
من الشاه إلى الملالي: استمرار النضال
لم تتوقف معاناة الشعب الإيراني عند سقوط نظام الشاه، بل استمرت تحت حكم ولاية الفقيه، الذي واصل سياسات القمع والتصفية السياسية. شهداء مجاهدي خلق، الذين واجهوا السافاك بشجاعة، ألهموا أجيالاً جديدة لرفض الديكتاتورية بكل أشكالها، سواء كانت ملكية أو دينية. هذا الإرث تجسّد في شعار الحركة الشعبية اليوم: “لا لنظام الشاه، ولا لنظام الملالي”، الذي يعكس وعيًا سياسيًا عميقًا بضرورة إقامة نظام ديمقراطي.
رؤية ديمقراطية للمستقبل
تُعد رؤية المقاومة الإيرانية، بقيادة مريم رجوي، امتدادًا لتضحيات الشهداء. طرحت رجوي برنامجًا من عشرة بنود يدعو إلى إقامة جمهورية ديمقراطية علمانية، تحترم حقوق الإنسان، وتضمن فصل الدين عن الدولة، وحماية حقوق الأقليات. هذا البرنامج، الذي حظي بدعم دولي واسع، يُظهر أن دماء الشهداء لم تذهب سدى، بل أصبحت منارة لتحقيق الحرية والعدالة في إيران.
رفض إعادة تأهيل الاستبداد
يرفض الشعب الإيراني أي محاولات لتلميع صورة نظام الشاه أو إعادة تأهيل رموزه، مثل برويز ثابتي، أحد كبار مسؤولي السافاك المتورطين في جرائم التصفية السياسية. هذه المحاولات، التي يدعمها بعض الأجنحة الملكية، تُواجه برفض شعبي واسع، حيث يرى الإيرانيون أن العودة إلى الاستبداد الملكي ليست بديلاً عن نظام الملالي، بل شكلاً آخر من القمع.
إلهام للأجيال الجديدة
تُظهر التضحيات التي قدّمها شهداء مجاهدي خلق أن المقاومة ضد الاستبداد ليست مجرد رد فعل، بل هي مشروع وطني يمتد عبر الأجيال. اليوم، تستمر وحدات المقاومة في إيران في تنظيم الاحتجاجات ونشر الوعي، مستلهمة من شجاعة أولئك الذين واجهوا السافاك. هذا الإرث يعزز إيمان الشعب بإمكانية التغيير، ويؤكد أن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية يمثل البديل الديمقراطي الأكثر شرعية لنظام ولاية الفقيه.
بالخاتمة،تُشكل ذكرى شهداء مجاهدي خلق منارة تضيء طريق النضال من أجل إيران حرة وديمقراطية. تضحياتهم لم تُلهم الشعب الإيراني فحسب، بل أرست أسس مقاومة شعبية رفضت الاستبداد بكل أشكاله. مع استمرار الثورة الإيرانية، يبقى إرث الشهداء حيًا في قلوب الأجيال الجديدة، التي تواصل النضال حتى تحقيق الحرية والعدالة، بدعم من رؤية المقاومة الإيرانية لبناء مستقبل ديمقراطي.