الإخوان المسلمون في الأردن : من المعارضة إلى الإرهاب تحت جناح “حزب الله”

بقلم نانسي اللقيس

لم يعد الحديث عن جماعة الإخوان المسلمين في الأردن مسألة فكرية أو خلافًا سياسيًا عابرًا. ما كُشف مؤخرًا من خيوط أمنية مرتبطة بتنظيمات إرهابية، وعلاقات عابرة للحدود مع جهات مشبوهة كـ”حزب الله” اللبناني، يجعل من هذا الملف تهديدًا حقيقيًا للأمن الوطني الأردني وللسيادة بحد ذاتها.

الجماعة، التي صدر قرار قضائي بحلّها عام 2020 بسبب مخالفتها للقوانين وعدم تصويب أوضاعها، لم تنتهِ فعليًا. بل أعادت إنتاج نفسها من خلال ذراعها السياسية “حزب جبهة العمل الإسلامي”، الذي يتمتع اليوم بوجود مؤثر داخل البرلمان الأردني، دون أن يتوقّف التنسيق السري بين الجناحين القديم والجديد. ما يُمارس باسم المعارضة السياسية، يخفي وراءه تنظيمًا متماسكًا يتحرّك بعقل أمني ويُخفي أجندات تتقاطع مع قوى خارجية.

الكشف الصادم جاء من دائرة المخابرات العامة الأردنية، في نيسان 2025، حيث تمّ ضبط أربع خلايا إرهابية مرتبطة بالجماعة، تعمل على تصنيع طائرات مسيّرة وصواريخ محلّية الصنع، بدعم لوجستي وتدريب من عناصر تابعة لـ”حزب الله” اللبناني داخل الأراضي اللبنانية. لم تكتفِ هذه الخلايا بالتنسيق مع حماس، بل ذهبت بعيدًا نحو المحور الإيراني الكامل، الذي يسعى لاختراق الأردن من بوابة “الإسلام السياسي” المسلّح.

هنا، لم نعد أمام “معارضة” سياسية، بل أمام تنظيم يتقاطع مع مشروع طائفي خطير يقوده “حزب الله” عبر المنطقة. مشروع يُصدّر الفوضى، يدّعي المقاومة، ويُتقن لعبة التسلل إلى الأنظمة السياسية من أجل تدميرها من الداخل. فهل يقبل الأردنيون بأن تكون أراضيهم مخترقة بهذا الشكل؟ هل يُعقل أن تُمنح جماعة إرهابية غطاءً قانونيًا تحت مسمّى حزب، بينما كوادرها تتدرّب على السلاح في ضاحية بيروت الجنوبية؟

التحقيقات أثبتت أن أعضاء الخلايا ليسوا هواة، بل مموّلون ومدرّبون بعناية، من بينهم مهندسون وطلاب جامعات ومسؤولون سابقون في الجماعة. الأسلحة المصادرة، والمخططات التفصيلية للهجمات، والاعترافات العلنية أمام محكمة أمن الدولة، تبرهن أننا أمام تنظيم يتقن لعبة الخداع: يدّعي السلمية نهارًا، ويتآمر على الدولة ليلًا.

ما يجري اليوم لا يحتمل التساهل ولا المواربة. الدولة الأردنية أمام مفترق طرق: إما أن تُجتث هذه البنية السرطانية، أو تُترك لتنمو تحت جلد المؤسسات باسم التعددية والانفتاح، بينما هي تزرع بذور الانهيار. العلاقة مع حزب الله ليست تفصيلًا، بل ناقوس خطر يُقرع عاليًا: من يُقاتل مع الحزب في الخفاء، ويتمرّن في معسكراته، لا مكان له في دولة تحترم القانون والسيادة.

الدرس واضح، والحقيقة أكثر وضوحًا: لا يمكن مواجهة مشروع حزب الله الإقليمي دون اجتثاث أدواته في الداخل. وجماعة الإخوان، بكل تفرّعاتها، باتت واحدة من أخطر تلك الأدوات.

وقد قال الأردن كلمته. لم يتردّد، لم يساير، لم يهادن. اجتثّ هذا السرطان من جذوره قبل أن يتحوّل إلى ورم خبيث يفتك بالدولة من الداخل. تحرّك بجرأة وبقوة القانون، ووجّه رسالة لكلّ من يحاول اللعب بالأمن الوطني: لا مكان للخيانة تحت عباءة السياسة.

أما لبنان… فالغصة أكبر. هناك، ما زال السرطان يفتك بالجسد، وحزب الله يحكم بالسلاح والعقيدة، ويُسكت كل صوت حرّ بالنار والحديد. فهل يستفيق لبنان يومًا؟ هل تتحرك مؤسساته قبل أن يتحول الوطن إلى مقبرة مفتوحة؟ أم أن الدولة ستبقى رهينة صمتها، تقرأ الفاتحة على أمنها ومستقبلها… بصوت منخفض؟

الكرة الآن في ملعب الشعوب. فإمّا حياة بكرامة، أو موت تحت عمامة.

اخترنا لك