بقلم د. علي خليفة
على قدر الأسئلة التي يمكن طرحها على الله بخصوص حزبه، ثمة أسئلة مقابلة أيضاً يمكن طرحها على “الحزب”: من هو إلهه أو من هي آلهته؟ وما هي أسلحته؟
إلهه الحرب الدائمة بلا أفق ولا هدف. وأمام إله الحرب، تحترق إلهة الأرض وتتلف المواسم والأرزاق، وتذوي إلهة الأمومة أمام ادّعاء سعادة الفقد، وتتحلّل إلهة الحب لصالح آلهة الموت والهلاك ومواكب الحزن الداهم.
أسلحة “الحزب” تبدأ بالدين، لا بوصفه خياراً للأفراد ومكوّناً في ثقافة المجتمعات، بل الدين باستخداماته المغرضة. يقول الخميني – وما أبعده عن روح الله: “ديننا عين سياستنا”. لا فصل بينهما إذن، ولا إمكانية بالتالي لخروج مشروع سياسي يحترم حق التنوع ونعمة الاختلاف كمصدر غنى… ولا إمكانية لخروج مشروع اجتماعي يحاكي الحداثة وقيمها…
أسلحة “الحزب” أيضاً مدارس المصطفى والمهدي، تستغلّ حرية التعليم لخنق الحريات في سلوك المتعلّمين وتأطير القيم والتعبير عنها في مواقف مزرية معدّة سلفاً.
وأسلحة “الحزب” أيضاً مؤسسات وجمعيات عديدة: بعضها يستفيد من تقديمات الدولة كجمعية التعليم الديني الإسلامي المصنّفة بقرار حكومي سابق كجمعية ذات منفعة عامة فتتقاضى مخصصات مالية من الدولة، وبعضها يقوم على حلقة تبادلات مشبوهة ورديفة لحلقات الاقتصاد الشرعي وخارجة عن القانون وجاذبة للعقوبات.
من أسلحة “الحزب” أيضاً، وضع اليد على المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، المؤسسة الرسمية التي تمثّل أبناء الطائفة الشيعية، وحرفها عن أداء مهامها: فلا الدور الرعوي متوافر وسط الانحياز لإملاءات “الحزب” التي تمنع المجلس الشيعي من الوقوف على مسافة واحدة من أبناء الطائفة جميعهم بمن فيهم المناهضون لـ “الحزب”، ولا الدور الوظيفي للمجلس الشيعي متاح، فانتخابات الهيئتين الشرعية والتنفيذية معلّقة ومؤجلة، ولا موازنات ولا قطوعات حسابات تُظهر دخول الهبات ووجهات صرفها وجباية ما يستحق من كافة الجمعيات وأنشطتها… ما جعل “الحزب” يدفع بالمجلس الشيعي لاستخدامه للتغطية على عمليات تبييض الأموال وتحويلها للمجهود العسكري أو لتمويل الإرهاب ورعايته، على مرأى من عيون الطائفة المنكوبة وذلّة أبنائها المشرّدين من الذين تهدّمت بيوتهم أو تضرّرت وذهبت أرزاقهم هباءً منثوراً.
آخر آلهة “الحزب” هو الله الذي نعرفه جميعاً ونعرف أنه سيهجر رايات “الحزب” ولن يبقى للحظة تحت ظلّ البندقية. وليست البندقية وحدها سلاح الحزب. وكما البندقية الحزبية فقدت وظيفتها في الدفاع والردع، كذلك باقي أسلحة “الحزب” ستفقد تدريجيّاً، هي الأخرى، مبرّرات وجودها: في التربية والتعليم، في الثقافة وفي الدين، وفي الاقتصاد وفي المجتمع.