بقلم جاد ح. فياض
إعلان محافظ السويداء مصطفى بكّور بدء تنفيذ البنود التي اتفق عليها وجهاء السويداء ومشايخ العقل يوم الخميس، والتي قضت بتفعيل دور الضابطة العدلية في السويداء، كان بمثابة موافقة الحكومة السورية عليها وسريانها رسمياً، وبمعنى أوسع، فإن الجوّ العام يعكس اتفاق السويداء مع الحكومة، لأن المنطقة كانت تنتظر رد السلطات المركزية في دمشق.
يمكن وصف الواقع في السويداء بالحذر، ووفق الأجواء والمعطيات، فإن دروز جنوب سوريا اقتنعوا مبدئياً بأن الخيارات محدودة جداً، والخيار الأكثر واقعية والأنسب هو التعامل مع السلطة الجديدة ولهذا السبب كان الاتفاق، وأيقنوا أن إسرائيل لا تحميهم، وتدخلها في الشأن السوري يرتدّ عليهم سلباً، لكونه يشكّل عاملاً تحريضياً ضدهم.
إحدى الشخصيات الفاعلة في صفوف دروز السويداء تتحدّث لـ”النهار” عن أجواء المنطقة، فتقول إن إعلان بكور بدء سريان الاتفاق هو بمثابة “وقف الدم”، وقد تم الاتفاق على تفعيل دور الضابطة العدلية في المحافظة، وتأمين طريق دمشق – السويداء لتوفير المواد الأساسية.
وفي هذا السياق، يشدّد المصدر على أن الأمن العام “لم يمنع دخول السلع ولم يفرض سياسة تجويع”، وقد وصلت ليل السبت شحنات مازوت، لكن الظروف الأمنية فرضت نفسها، وقلق التجّار والموزعون من سلوك الطريق.
وفي حديث لـ”النهار”، يشير المصدر إلى أن “العبرة في استكمال تنفيذ الاتفاق”، والجوّ العام “مقبول”، لكن الصدمة كانت كبيرة لدى الدروز “الذين لم يواجهوا محنة مشابهة” منذ زمن طويل، فالتجييش بلغ “مستويات متقدمة والتحريض أيضاً”، وبالتالي معالجة تداعيات هذا الأسبوع ستحتاج إلى “وقت وإجراءات لبناء الثقة”.
العامل الإسرائيلي في المعادلة السورية – الدرزية سلبي وفق ما تجمع مصادر متعدّدة، لكونه عاملاً تحريضياً يجيّش السلطة وحلفاءها ضد الدروز، لأن إسرائيل تنطلق في ضرباتها من زعم حماية هذه الجماعة، وإسرائيل حينما تستهدف مواقع للسلطات السورية الانتقالية، فإنها تخلّف مشاعر من الغضب لدى مناصري السلطة الذين ينفذون أعمالاً انتقامية ضد الدروز.
المصدر الدرزي يؤكّد هذا الرأي، ويشير إلى أن “العمليات الانتقامية” من الدروز كانت على خلفية الهجمات الإسرائيلية والزيارات للداخل الإسرائيلي، ويبرهن سلبية هذا التدخل بالقول إن الجيش الإسرائيلي استهدف الداخل السوري بعد انتهاء الاشتباك عند حدود السويداء واتفاق وجهاء المنطقة مع الحكومة على تفعيل دور الضابطة العدلية، وكأن الضربات كانت “لنسف” الاتفاق.
إلى ذلك، ذكرت وسائل إعلام عبرية أن منسّق الحكومة الإسرائيلية، اللواء غسان عليان، دخل سوريا أخيراً والتقى زعماء دروزاً، من دون أن تحدد المناطق التي دخلها أو الشخصيات التي التقاها. المصدر يتساءل عن الفاعليات الدرزية التي التقاها عليان، ويشير إلى أن من التقاهم “على الأرجح لا شرعية تمثيلية لهم” لأن المصدر على احتكاك بكافة الفاعليات الوازنة ولم يخبر باللقاء، ويتساءل أيضاً عن موعد تسريب هذا الخبر بعد فترة طويلة على حصوله، ويعود إلى هدف “نسف الاتفاق”.
في سياق متصل، فإن المجلس العسكري في السويداء كانت له مواقف سلبية من الاتفاق الذي حصل بين وجهاء المنطقة والحكومة، وتعهّد بمنع دخول الأمن العام إلى المنطقة، لكن المصدر يقول إن هذا المجلس “مؤلف من عشرات العناصر فقط، ولا تمثيل واسعاً له أو انتشار، وعناصره هم من ضبّاط وعناصر النظام السوري السابق”.
في المحصلة، فإن مستقبل السويداء وعلاقتها بدمشق رهن الأسابيع القليلة المقبلة وتطبيق الاتفاق، والكرة في ملعب السلطات السورية من جهة لحماية الدروز وتأمين مناطقهم وخطوط سيرهم، وفي ملعب الدروز أيضاً الذين يبدو أنهم اختاروا العلاقة مع دمشق على النزعات الانفصالية، وفق ما ذكرت كل البيانات التي صدرت.