بقلم خلود وتار قاسم
–
@kholoudwk
في زمن تراجع فيه دور القدوة، لم تعد لدى شبابنا وشاباتنا نماذج يُحتذى بها تُلهمهم وتوجّه بوصلتهم نحو الخير، بل أصبحت القدوات الحاضرة مشوهة، مصطنعة، وأحيانًا خطيرة. ما نعيشه اليوم ليس صدفة، بل نتيجة متراكمة لعوامل متعددة تُحاصر مجتمعاتنا، وتفتك بنواة البيت والأسرة والضمير الجمعي.
قد يقول البعض إنها مجرد “نظرية مؤامرة”، لكن ما نراه في أحيائنا وبيوتنا ومدارسنا وشوارعنا ينفي ذلك تمامًا. كيف نفسر هذا الانحدار في منظومة الأخلاق، واللامبالاة التي نعيشها؟ كيف تحوّل العنف إلى لغة يومية بيننا، وتبلدت أحاسيسنا تجاه الآخر؟ كيف نُشاهد مسلسلًا يمجد الخيانة أو القتل ونضحك، دون أن ندرك أننا نستهلك القيم السلبية نفسها ونُعيد إنتاجها داخل بيوتنا؟
صارت شاشاتنا المربّي الأساسي، والمسلسلات مصدرًا “ثقافيًا” جديدًا، إلا أنها غالبًا ما تفتقر لأدنى معايير القيم الإنسانية. نتلقّى آلاف الصور والمشاهد والأغاني دون رقابة أو تفكير، ولا نُدرك أن كل صورة، كل كلمة، كل مشهد يترك أثرًا في وعينا، ويتسلّل إلى لاوعينا، فيبرمج سلوكنا ومواقفنا. هذا ليس تخمينًا ولا خرافة، بل علم تؤكده دراسات علم النفس والإعلام والسلوك البشري.
لقد نسينا تعاليم دياناتنا، وثقافة منطقتنا الغنية بالقيم، وتركنا أنفسنا في مهبّ الاستهلاك البصري والسمعي دون وعي. حان الوقت أن نُعيد النظر… أن نُدرك أن كل واحد منا مسؤول، على الأقل، عمّا يحدث داخل بيته. التغيير لا يبدأ من الأعلى، بل من داخل كل بيت، من كل أم وأب، من كل فرد يُقرّر أن يعيد بناء القيم من جديد.