خاص بوابة بيروت
في زمنٍ تتعالى فيه أصوات التشكيك وتُنسج فيه الروايات المغرضة، يسطع نجم الحقيقة كالشمس في كبد السماء، لا يحجبها غمام ولا يُطفئها افتراء.
إنه زمن “حراس المدينة” في طرابلس، الذين أثبتوا أن العمل التطوعي النابع من حب الوطن هو السد المنيع في وجه الفساد والتهميش.
“حراس المدينة”: من مبادرة شبابية إلى صرحٍ وطني
تأسست مجموعة “حراس المدينة” في عام 2015، كرد فعل شعبي على محاولة تحويل طرابلس إلى مكب نفايات.
بقيادة محمد شوك، المعروف بـ”أبو محمود”، تصدى شباب المدينة لشاحنات النفايات القادمة من مناطق أخرى، مؤكدين أن طرابلس ليست ساحة لتفريغ أزمات الآخرين.
ومنذ ذلك الحين، تحولت هذه المبادرة إلى حركة تطوعية نشطة، تعمل على تنظيم التظاهرات، وتأمين السلامة العامة، وتنفيذ حملات تنظيف وتجميل للأحياء والشوارع.
خلال انتفاضة 17 تشرين، لعب “حراس المدينة” دورًا محوريًا في تنظيم وتأمين ساحات الاعتصام، خاصة في ساحة النور. بفضل جهودهم، تحولت طرابلس إلى نموذج يُحتذى به في التنظيم والسلمية، مما أكسبها لقب “عروس الثورة”. وقد أكد محمد شوك أن المجموعة تعمل بتنسيق كامل مع القوى الأمنية، وأن هدفها الأساسي هو حماية المتظاهرين والحفاظ على سلمية الحراك.
لم يقتصر دور “حراس المدينة” على الجانب الأمني والتنظيمي، بل امتد إلى تنفيذ مبادرات مجتمعية تهدف إلى تحسين واقع المدينة. من بين هذه المبادرات، حملة “جود من الموجود” التي تُنظم خلال شهر رمضان لتقديم المساعدات للعائلات المحتاجة، بالإضافة إلى تنظيم حملات تنظيف وتجميل للأحياء والشوارع. وتُموّل هذه المبادرات من تبرعات المتطوعين والمواطنين، دون أي دعم خارجي، مما يعكس روح العمل الجماعي والتطوعي الحقيقي.
التحول إلى العمل المؤسسي
في عام 2024، قام وفد من “حراس المدينة” بزيارة إلى نقابة المحامين في طرابلس، لبحث سُبل التعاون وإطلاع النقابة على نشاط الحراس ومبادراتهم، بالإضافة إلى عرض لمحة عامة عن مشروع تحول ومأسسة “حراس المدينة” وتحولها إلى منظمة تسير حسب خطة استراتيجية تهدف إلى خدمة المدينة والمجتمع. وقد أثنى نقيب المحامين على عمل الحراس وحرصهم على تنقية مدينة طرابلس من الشوائب والسعي الدائم للدفاع عن مصالحها ومصالح أبنائها.
ردًا على الاتهامات المغرضة
في مواجهة التقارير التي تصف “حراس المدينة” بالعصابة وتتهم محمد شوك بالبلطجة، يجب التأكيد على أن هذه الاتهامات تفتقر إلى الأدلة وتتجاهل الإنجازات الحقيقية التي حققتها المجموعة على الأرض. فبدلاً من التركيز على النقد غير البناء، يجب دعم المبادرات التي تسعى لتحسين واقع المدينة وخدمة أهلها.
درع طرابلس وسندها
إن “حراس المدينة” ليست مجرد مجموعة شبابية، بل هي تجسيد لروح طرابلس الحقيقية، المدينة التي تأبى الخضوع للفساد والتهميش. بفضل جهودهم، أصبحت طرابلس نموذجًا في العمل التطوعي والتنظيم الشعبي، مما يستدعي من الجميع دعمهم والوقوف إلى جانبهم في مسيرتهم نحو بناء مدينة أفضل، وقد ترجم أبناء طرابلس هذا الوعي في الانتخابات البلدية الأخيرة، إذ منحوا ثقتهم لأحد المرشحين على لائحة ‘حرّاس المدينة’، فدخل الحراس إلى المجلس البلدي، وأصبح لهم صوتٌ في صناعة القرار.