#أطفال #إيران بين الفقر والتهميش…

جيل يُدفع نحو الهاوية

في ظل الانهيار الاقتصادي والاجتماعي الذي تعيشه إيران، يواجه ملايين الأطفال واقعًا قاسيًا، تُجسّده أرقام مفجعة تشير إلى أن 38% من الأطفال الإيرانيين يعيشون تحت خط الفقر. إنها أزمة لا تعكس فقط هشاشة البنية الاقتصادية، بل أيضًا انعدام الرؤية في نظام يُفترض أن يضع الطفولة في سلّم أولوياته.

الفقر في إيران ليس مجرد غياب للموارد، بل حرمان ممنهج من أبسط الحقوق. أطفالٌ يُنتزعون من طفولتهم ليُزجّ بهم في سوق العمل أو يُجبرون على ترك مقاعد الدراسة، فيما يتزايد خطر الزواج المبكر وسوء المعاملة والتهميش. الرعاية الصحية غائبة، والغذاء غير كافٍ، والدعم النفسي معدوم. إنها طفولة مختصرة تُختطف من أبنائها قبل أن تُزهر.

التعليم، الذي كان يومًا حقًا مقدسًا، بات بالنسبة لكثيرين حلمًا بعيد المنال. التقارير تفيد بأن 41% من الطلاب الإيرانيين لا يحققون الحد الأدنى من معايير محو الأمية العالمية. خفض ميزانيات التعليم، وارتفاع كلفة الحياة، يدفع بالعائلات إلى تقديم البقاء على التعلّم، ما يعمّق فجوة الفقر ويهدد الأجيال القادمة بالضياع.

النظام الإيراني يتحمّل مسؤولية مباشرة عن هذا الواقع. المال العام يُهدر في مغامرات خارجية ومشاريع عبثية، فيما تُترك الفئات الأضعف، وعلى رأسها الأطفال، فريسة للتجاهل. لا برامج دعم جادّة، ولا خطط لحماية الطفولة، خاصةً في صفوف الأقليات والمهاجرين الذين يُعاملون كمواطنين من درجة أدنى.

ما يحدث ليس مجرد خلل في توزيع الثروات، بل دائرة مغلقة من الفقر والعنف والتهميش. الأطفال العاملون يعانون من أمراض مزمنة، استغلال ممنهج، واضطرابات نفسية، في غياب أي حماية قانونية أو تدخل اجتماعي فعّال. وما دامت السياسات على حالها، فإنّ الكارثة مرشّحة للتفاقم.

كلّ المؤشرات تؤكد أن مستقبل أطفال إيران على المحك. وما لم يتحقّق تغيير جذري في بنية النظام وأولوياته الاجتماعية، فإنّ البلاد تسير بثبات نحو أزمة لا تُنقذ منها إلا إرادة شعبية حقيقية تقود إلى إصلاح شامل. صرخات الأطفال في الشوارع والأحياء الفقيرة، لن تجد آذانًا صاغية، ما لم تتحرّك الضمائر لصون حقّهم في الحياة، التعليم، والكرامة.

اخترنا لك