جمهور “الحزب” غارق بـ”نوستالجيا” بنتى جبيل

بقلم راغب ملي

يغرق جمهور “حزب الله” في حنينه للحظة وقوف أمينه العام الراحل حسن نصرالله، على منبر بنت جبيل، محتفلاً بتحرير العام 2000.. فبعد 25 عاماً على التحرير الكامل، والانسحاب الاسرائيلي للمرة الاولى من أرض عربية تحت ضغط المقاومة، لم تبقَ في هذا العام، بعد ربع قرن على التحرير، إلا تلك الصورة.

نصرالله.. وبيت العنكبوت

وتحوّل 25 أيار، إلى مناسبة وطنية راسخة، وارتفعت معها معادلة “الجيش والشعب والمقاومة”. على مدار 25 عاماً، كان الشعار وصف للتكامل بين عناصره الثلاثة، بهدف إحداث تغيير حقيقي في الميدان، وتحقيق إنجاز غير مسبوق في تاريخ الصراع العربي-الإسرائيلي..

ومع مرور ربع قرن على هذا الحدث، تُستعاد الكثير من الصور والمشاهد التي انطبعت في الذاكرة الجماعية، لكن تظل صورة واحدة تتصدر المشهد: السيد حسن نصرالله، الأمين العام السابق لحزب الله، واقفاً في ساحة بنت جبيل في أيار 2000، مخاطباً الجماهير بكلمات دخلت التاريخ: “إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت”.

ربع قرن من التحولات

كانت تلك اللحظة أكثر من مجرد خطاب. لقد شكّلت إعلاناً عن تحوّل استراتيجي في معادلات الصراع، ولم تكن صورة بنت جبيل مجرد استعراض رمزي، بل جسّدت انتصاراً لمشروع المقاومة، وأكدت أن موازين القوى قد تغيّرت.

لكن بعد الحرب الاخيرة، وتدمير القرى، والاحتلال بالنار الذي تمارسه اسرائيل في الجنوب، تعود هذه الصورة لتُستحضر بقوة، ليس لرمزيتها التاريخية فحسب، بل أيضاً لأن هذا العام يشهد غياباً غير مسبوق لصاحبها. فللمرة الأولى منذ عام 2000، يحتفل الجنوبيون بهذه المناسبة من دون خطاب لنصرالله، الذي اغتالته إسرائيل في 27 أيلول/سبتمبر الماضي.

خطابية نصرالله

لم يكن غياب نصرالله حدثاً عابراً بالنسبة لمناصريه. خلّف فراغاً عاطفياً عميقاً لدى جمهور طالما انتظر إطلالته في عيد التحرير. يفتقد جمهوره اليوم قيادة بقدرة خطابية استثنائية، وعلاقة وجدانية معه، ظهرت في محطات مصيرية عدة، وهو ما دفع هذا الجمهور لاستحضار تلك اللحظات، في عضرات التغريدات في مواقع التواصل.

ورغم الوضع الميداني الصعب الذي يواجهه حزب الله حالياً، خصوصاً لجهة تراجع قدراته العسكرية، وخسارته جزءاً من بنيته التحتية، وانسحابه من بعض مواقعه في الجنوب، وعدم ردّه على الاعتداءات المتكررة، إلا أن صورة نصرالله في بنت جبيل لم تفقد تأثيرها. بل عادت اليوم لتُرفع مجدداً بعد ربع قرن، وتُستعاد بقوة في وجدان الجنوبيين.

واللافت أن هذه الصورة عادت لتتصدّر المشهد الانتخابي، تُعلّق في الحملات وتُتداول على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهي تذكير برمزية المكان والشخص والكلمة. لقد شكّلت هذه الصورة حجر الزاوية في الذاكرة الجماعية لجمهور الحزب، خصوصاً في الجنوب.

يؤمن جمهور الحزب أن هذه الصورة لم تكن مجرد لحظة انتصار. غاب صاحب الصورة جسداً، لكن حضوره لم يغب عن وجدان جمهوره.. صورة بنت جبيل ما زالت حيّة، شاهدة على زمنٍ لن يتكرر، واستعادة تعيد استقطاب الحزب لجمهوره في زمن التحولات الكبرى.

اخترنا لك