رمزي نهرا… منافق في زمن الكوليرا

بقلم بلال مهدي – خاص بوابة بيروت

طرابلس، عروس الثورة… لم تعد تمتلك قرارها البلدي. وهي الرافعة الأساس للمرشحين لرئاسة الحكومة لما تمثل من كتلة “سنية” ناخبة تعتبر الأكبر في لبنان، رغم ذلك تبقى المدينة “منسية” من على أجندة رؤساء الحكومات.

وقد أظهر “الحراك الشعبي” عام ٢٠١٥ عورة كل التيارات السياسة القابضة على قرار الطائفة السنية الكريمة، والتي قدمت ولا تزال تضحيات عظيمة في سبيل الوحدة والصمود على الصعيدين الوطني والعربي.

ولا ننسى عظمة اتحاد أبناء طرابلس في ساحة النور مع بداية ثورة “١٧ تشرين” وصولاً الى الاستحقاق النيابي الأخير، حين أثبت شباب طرابلس قدراتهم العالية في إدارة المرحلة واستعدادهم التام لاستلام زمام الأمور في ظل الانهيار والإهمال والفساد الذي نخر البلاد وقتل العباد.

بلدية خارجة عن الدولة

في ١ آب ٢.٢٢، وبعد انعقاد جلسة طرح الثقة برئيس مجلس بلدية طرابلس المنتخب بناء لدعوة المحافظ رمزي نهرا، قرر بعض أعضاء المجلس البلدي سحب الثقة من الرئيس الدكتور رياض يمق، إلا أن الجلسة لم تستكمل لانتخاب رئيس جديد خلافاً للقانون.

قام على اثرها محافظ طرابلس والشمال القاضي رمزي نهرا، بتكليف العضو أحمد قمر الدين برئاسة البلدية لحين انتخاب رئيس جديد، وذلك بدل من تكليف الرئيس السابق رياض يمق لما فيه خدمة للمصلحة العامة.

فما كان على يمق إلا التقدم بمراجعة إبطال سحب الثقة أمام مجلس شورى الدولة لقناعته بأن القرار مخالف للقانون، بالإضافة إلى أن توقيع يمق هو المعتمد لدى مصرف لبنان، وذلك حرصاً منه على مصلحة المدينة وموظفي وعمال البلدية. إلا أن نهرا لم يأخذ هذا الموضوع على قدر المسؤولية.

مولوي و شورى الدولة

استطاع يمق انتزاع قرار من شورى الدولة، اُلزم على أثره وزير الداخلية القاضي بسام المولوي بإصدار قرار و أبلاغه لمحافظ الشمال رمزي نهرا، طالباً منه تنفيذ قرار مجلس شورى الدولة والقاضي بإعادة تسليم رئاسة بلدية طرابلس لمستحقها الرئيس الشرعي الدكتور رياض يمق بلا مماطلة او تسويف، إلا أن نهرا لم ينفذ القرار.

وأستمر قمر الدين، و بغطاء من المحافظ في منصبه و “أدار الأذن الطرشا” لوزير الداخلية بسام مولوي، في تحدي صارخ للقوانين، رغم أنه تم إبلاغه من خلال قلم بلدية طرابلس صورة رسمية عن قرار وقف تنفيذ حجب الثقة سنداً للمادة 126 من نظام مجلس شورى الدولة.

فدرالية رمزي نهرا

لم يكتف قمر الدين بتكريس نفوذ “فدرالية نهرا” على طرابلس، إلا أنه نفذ قرار دعوة المحافظ لانتخاب رئيس جديد للبلدية خلافاً للقانون، فانتخب قمر الدين بـ 11 صوتاً فقط من أصل 15 عضواً حضروا عملية الانتخاب، فيما لم يتم انتخاب نائب للرئيس بسبب انسحاب ستة أعضاء من الجلسة وفقدانها النصاب القانوني. في جلسة عقدت في ١٩ تشرين الأول.

مرة أخرى يكرّس نهرا سطوته على القرار في بلدية طرابلس، في مخالفة واضحة يعاقب عليها بالجرم المنصوص عليه في المادتين 371 و 375 من قانون العقوبات.

وبعد وقوع المخالفة، توجه د. يمق الى مجلس شورى الدولة مجدداً للطعن بـ “مخطط نهرا” للسيطرة على بلدية طرابلس…

وبناءً عليه أصدر مجلس شورى الدولة، قراراً جديداً بالإجماع بتاريخ : ٦ كانون الأول، قرر وقف تنفيذ محضر انتخاب رئيس لبلدية طرابلس رقم ( ۱۹۰۱ – ب – ۲۰۲۲ ) تاريخ : ١٩ تشرين الأوّل، المتضمن إعلان نتيجة الانتخاب وفوز أحمد قمر الدين بمركز الرئيس.

مولوي شاهد أم شريك ؟

هنا نسأل عن سبب عدم تدخل وزير الداخلية بشكل مباشر وإنهاء هذه الفوضى وكشف مخطط نهرا للسيطرة على بلدية طرابلس، وإعادة تسليم د. يمق وهو الرئيس الشرعي والمنتخب زمام الأمور تبعاً لما نص عليه قرار شورى الدولة.

الا أن صمت الوزير مولوي يفسر بأنه شريك في هذه العملية أم مجرد شاهد بأمر من الباب العالي، وعلى الصعيدين توجب علينا فضح ما يحصل.

فقد تسببت هذه المخالفات في توتر كبير أبطاله أشباحٌ بحلة سياسية و قاضيين سابقين، مما سيؤدي حتماً الى انقسام حاد في الشارع الطرابلسي، بين حاقد على مولوي و تابع له، وبين خاضع لـ رمزي نهرا و متصدي له حتى النفس الأخير.

والمدينة تغرق في جحيم عهد أورثها الفقر والجوع والكوليرا، وتركها تلقى مصيرها. و “البكاوات” فيها كعادتهم، يتلهون بالمحاصصة.

طرابلس المنتفضة…

لم تعد طرابلس كما كانت، فقد خرج منها من هم على أتم الاستعداد لمواجهة هذه العصابات التي تسطر اليوم آخر حكايات الفساد القضائي والأمني و الإداري. من بطولة قضاة سابقين واجبهم الأساس حفظ النظام والسهر على راحة المواطنين.

ففي زمن الكوليرا، لا بد أن تسقط كل مؤامرات الفاسدين بجهود أبناء المدينة الصالحين، وحتماً لن تكن المواجهة الأخيرة.

ويبقى السؤال الأساس بلا إجابة… لماذا يخاطر “قاضٍ وزير” و “قاضٍ محافظ” بمخالفة القانون وبهذا الإصرار ؟!

اخترنا لك