إيران على حافة الانهيار : تصعيد متهور يهدد بتفجير الشرق الأوسط

حين تنهار أنظمة القمع، لا يفصلها عن نهايتها سوى رصاصة دقيقة أو قرار خاطئ

بقلم نانسي اللقيس

في خضم أزمات داخلية متراكمة، تقف إيران اليوم على حافة هاوية سياسية وعسكرية. فالنظام الذي لطالما قدّم نفسه كلاعب إقليمي قادر على فرض معادلاته، يجد نفسه محاصَرًا من الخارج، ومثقلًا بالغضب الشعبي من الداخل، فيما يتجه نحو خيار الانتحار السياسي عبر التصعيد المتهور مع إسرائيل والغرب.

هذا التصعيد لا يأتي من موقع قوة بل من انسداد الأفق: البرنامج النووي الإيراني يواجه عزلة دولية غير مسبوقة، العقوبات تنهك الاقتصاد، والاحتجاجات الشعبية تتجدد بوتيرة أقوى. في المقابل، تواصل إسرائيل سياسة “الضربات المركّزة”، مدمّرةً منشآت عسكرية، ومستهدفةً قيادات رفيعة، دون أن تواجه ردًا نوعيًا يغير موازين الردع.

تهديد طهران مؤخرًا بضرب منشآت حيوية تابعة للولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا في الشرق الأوسط، إذا ما قدّمت هذه الدول دعمًا مباشرًا لإسرائيل، يُدخل المنطقة في مرحلة بالغة الخطورة. السؤال الآن ليس “هل ستقع الحرب؟”، بل “إلى أي مدى قد تتسع؟”.

فهل تدخل أذرع إيران – من حزب الله إلى الحوثيين – على خط المواجهة؟ وهل تتحوّل المعركة إلى نزاع شامل تتورط فيه المنطقة برمتها؟ الأكيد أن تل أبيب، وواشنطن، ومعهما الناتو، لا ينظرون للتصعيد الإيراني بعين الخوف، بل كفرصة لإعادة ضبط التوازنات بالقوة، وربما إسقاط النظام أو كسره على الطاولة.

وفي هذا المشهد، تقف روسيا والصين في موقع مراقب وحذر: موسكو الغارقة في المستنقع الأوكراني لا تستطيع خسارة علاقاتها مع الغرب أكثر، والصين ليست مستعدة لمغامرة تقوّض استثماراتها الكبرى في الخليج وآسيا الوسطى. إيران، ببساطة، بلا غطاء دولي فعلي.

أما الداخل الإيراني، فهو في حالة غليان مستمر. كل مغامرة خارجية جديدة، تزيد الهوة بين النظام وشعبه، وتسرّع الانهيار. إنها لحظة دقيقة، حيث لا مجال للأخطاء.

هل تقدم إسرائيل على اغتيال خامنئي؟ قراءة في احتمالات الردع والتصعيد

وسط هذا الانفجار الإقليمي، يتصاعد الحديث في الدوائر السياسية والأمنية عن احتمال لجوء إسرائيل إلى خطوة غير مسبوقة: اغتيال المرشد الأعلى علي خامنئي.

من الناحية الاستخباراتية، لا يبدو السيناريو مستحيلًا. فالموساد أثبت مرارًا أنه قادر على اختراق العمق الإيراني، من تفجير منشآت نطنز، إلى اغتيال علماء نوويين، دون أن يُمسك به. اليوم، بعد تدمير منزل المرشد في الضربة الأخيرة، يزداد الاعتقاد بأن إسرائيل لم تكتفِ بالرسائل، بل قد تكون على أعتاب قرار استراتيجي.

اغتيال خامنئي سيُشكّل زلزالًا في قلب النظام الإيراني، وقد يُحدث انهيارًا في تماسكه الداخلي. فالرجل ليس مجرد قائد سياسي، بل رمز ديني ومرجعية فكرية لطيف واسع من الميليشيات الممتدة من العراق إلى اليمن. ضربة من هذا النوع، إن وقعت، لن تكون مجرد ردّ، بل نقطة تحوّل في الصراع.

لكن، في المقابل، تدرك إسرائيل خطورة التصعيد الذي قد يليه. الميليشيات التابعة لإيران ستنتقم، وقد تُفتح جبهات متعددة في آنٍ واحد. كما أن اغتيال مرشد الثورة يحمل أبعادًا دينية تُهدد بإشعال المنطقة بطابع مذهبي خطير، تتداخل فيه الحروب العقائدية بالصراعات الجيوسياسية.

ويبقى السؤال الأهم: هل ترى إسرائيل أن المخاطر تستحق المجازفة؟ وإذا ما اتُّخذ القرار، هل ستقف واشنطن والأطلسي على الحياد؟ أم سيتحول المشهد إلى مواجهة شاملة لا عودة منها؟

في النهاية، المعركة قد لا تُحسم بضربة عسكرية أو اغتيال، بل بسؤال أبسط: من يملك النفس الأطول؟ إيران التي تتخبط داخليًا، أم خصومها الذين يراهنون على سقوطها من الداخل قبل أن تُطلق رصاصة واحدة نحو رأس النظام؟

الشرق الأوسط يقف على شفير مرحلة مفصلية، عنوانها: “لا انتصارات نظيفة، ولا هزائم بلا ثمن”. لكن الثابت الوحيد أن إيران، في وضعها الحالي، لم تعد قادرة على خوض معركة طويلة، لا سياسيًا ولا اقتصاديًا. وإذا ما واصل النظام تجاهل الحقائق، فإن السؤال لن يكون متى يسقط، بل بأي ثمن ستسقط معه المنطقة.

اخترنا لك