توقيف عميد حمود يثير جدلاً في طرابلس…

مخالفة أم تصفية حسابات سياسية وطائفية؟

أثار توقيف العقيد المتقاعد في الجيش اللبناني عميد حمود في مدينة طرابلس، موجة ردود فعل شعبية وسياسية، بين من رأى في الخطوة تنفيذًا لمقتضيات القانون، ومن عدّها استهدافًا لشخصية لطالما عُرفت بخطابها الاجتماعي الإسلامي ومبادراتها الميدانية في خدمة الأهالي.

بحسب المعطيات القضائية، فقد أصدر المدعي العام الاستئنافي في الشمال القاضي زياد شعراني إشارة بتوقيف حمود لإدارته مركزاً طبيّاً غير مرخّص له في طرابلس. وقد نفّذ القرار جهاز أمن الدولة الذي كان أغلق المركز بالشمع الأحمر في وقت سابق.

وأُحيل حمود على قاضية التحقيق الأول في الشمال سمرندا نصّار التي أصدرت مذكرة توقيف بحقه، في ضوء توافر معطيات قانونية تشير إلى مخالفات إدارية وصحية تتعلق بعمل المركز، ومنها إجراء عمليات جراحية غير مرخص لها والاستعانة بأطباء سوريين ممنوعين من العمل في لبنان، بالإضافة إلى ضبط أدوية سورية مهربة وغير مرخص لها في السوق اللبنانية.

في المقابل، تؤكد مصادر مقربة من حمود أنه كان قد تقدّم قبل أكثر من عام بطلب ترخيص رسمي للمركز، بقي من دون جواب حتى تاريخه.
فور الإعلان عن توقيفه، شهدت طرابلس تحركات احتجاجية محدودة لكنها لافتة، إذ عبّر عدد من الناشطين والمواطنين عن رفضهم لما اعتبروه “استهدافًا لرمز وطني واجتماعي”، خصوصا أن المركز الطبي المذكور كان يقدّم خدماته بأسعار رمزية أو مجانية، ويخدم فئة واسعة من أبناء المدينة وخصوصًا ذوي الدخل المحدود.

وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي دعوات إلى إطلاق حمود، وتسجيلات مصوّرة تُظهر متضامنين يطالبون القضاء بـ”التمييز بين العمل الإنساني ومخالفات إدارية يمكن معالجتها من دون اللجوء إلى التوقيف”.

توازيا، تشدّد مصادر قضائية على أن ما جرى “لا يعدو كونه تطبيقًا صارمًا للقانون”، معتبرة أن إدارة أي منشأة صحية تتطلب التزامًا للمعايير الإدارية والطبية، منعًا لأي ضرر قد يصيب المواطنين. والنية الحسنة لا تعفي من المساءلة القانونية”.

هذا الطرح واجه اعتراضات من جهات حقوقية وشخصيات طرابلسية بارزة، رأت أن توقيت التوقيف وطريقته “يتجاوزان مجرد تطبيق القانون، وعلى القضاء أن يأخذ في الاعتبار البعد الإنساني والاجتماعي للملف، خصوصًا في منطقة تُعدّ من الأكثر فقرًا وتهميشًا على مستوى الوطن”.

سياسيون من المدينة وخارجها عبّروا عن مواقف متباينة. فقد دعا البعض إلى الإفراج الفوري عن حمود وتقديم ملفه إلى لجان متخصصة لتسوية الأوضاع القانونية للمركز، فيما طالب آخرون بعدم تسييس القضية وتركها في يد القضاء، “شرط أن يُعامل جميع المواطنين والمسؤولين سواسية أمام القانون”.

اخترنا لك