الصحافيان شربل وعبد النور يرفضان المثول أمام المباحث الجنائية : محكمة المطبوعات حصرًا

بقلم لور أيّوب

بإشارة من النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجّار، استدعت المباحث الجنائية رئيس تحرير جريدة “الحرّة” الإلكترونية بشارة شربل ومديرة التحرير فيها كارين عبد النور. وقد علمت “المفكّرة” أنّ الاستدعاء جاء على خلفية مقال نشرته الجريدة في 27 حزيران 2025 تناول مسألة التعيينات في مركز النيابة العامّة المالية ونائب حاكم مصرف لبنان من دون أن يتبيّن لنا مدى ورود شكوى في حقّهما. وأكدّت عبد النور في حديث مع “المفكرة” على رفضها المثول أمام النيابة العامّة أو المباحث الجنائية مشدّدة على حصر ملاحقة الصحافيين بمحكمة المطبوعات.

استدعاء شفهي خارج الدوام الرسمي

مساء الجمعة 27 حزيران، تلقّى شربل اتصالًا من المباحث الجنائية لإعلامه باستدعائه أمامها لكنّه اعتذر بسبب وجوده خارج البلاد. وفي اليوم التالي، أي صباح السبت في 28 حزيران تلقت عبد النور اتصالًا يُعلمها بوجوب حضورها أمام المباحث المركزيّة يوم الاثنين في 30 حزيران 2025. عبد النور أكدّت لـ “المفكرة” أنّها استفسرت من العنصر الأمني المتّصل عن أسباب الاستدعاء لكنّ الأخير رفض إعلامها، فـ “أجبته بأنّي لن أحضر كوني صحافية”، حسب تعبيرها. وأضافت: “تناقشنا لبضعة دقائق حول قانونية هذا الاستدعاء، ومن ثمّ نادى العنصر على المسؤول عنه وأعلمه أنّي لن أحضر، فسمعت الأخير يقول بأنّه في حال لم تحضر فسيتم إصدار بلاغ بحث وتحرٍّ في حقها”. وأكدّت عبد النور تمسّكها بموقفها “بعدم المثول إلّا أمام محكمة المطبوعات التي هي الجهة الوحيدة المخوّلة باستدعاء الصحافيين”.

وأشار وكيل عبد النور المحامي جاد طعمة لـ “المفكرة” إلى أنّه توجّه صباح اليوم إلى مكتب النائب العام التمييزي جمال الحجّار وتقدّم بمذكّرة تتضمّن “تفسيرنا لقانون المطبوعات الذي يؤكّد على عدم جواز التحقيق مع الصحافيين أمام النيابات العامّة والأجهزة الأمنيّة”. وأضاف طعمة: “ومع ذلك، أصرّ القاضي الحجّار على مثول عبد النور أمام النيابة العامّة وعيّن جلسة جديدة لها يوم الخميس من هذا الأسبوع، إنّما أمام المحامية العامّة لدى النيابة العامّة التمييزيّة القاضية ميرنا كلّاس”. وعلى الرغم من ذلك، أكدّ طعمة على التمسّك بالموقف المبدئي قائلًا: “نحن متمسّكون بحرّية الرأي والتعبير وحرّية العمل الصحافي وبالقانون ولن نذهب إلى التحقيق”. كما استفسر طعمة من القاضي الحجّار عن خلفية الاستدعاء وتبيّن أنّه مقال نشرته “الحرة” وتناول التعيينات المالية ومسألة تعيين القاضي زاهر حمادة في منصب مدّعي عام مالي، واعتُبر إهانة للقضاء.

بالإضافة إلى مخالفة قانون المطبوعات، يأتي هذا الاستدعاء بشكل يخالف قانون أصول المحاكمات الجزائية الذي ينصّ على وجوب إجراء التبليغات القضائية بشكل خطّي وإبلاغ المستدعى بـ “الفعل الجرمي موضوع الملاحقة او التحقيق او المحاكمة والنص القانوني الذي يعاقب عليه والمرجع القضائي الواضع يده على الدعوى وصفة المطلوب تبليغه” (المادة 147).

الصحافيون لا يمثلون إلّا أمام محكمة المطبوعات

بدوره، أعلن اتحاد الصحافيين والصحافيات في لبنان (تجمّع نقابة الصحافة البديلة سابقًا) في بيان رفضه القاطع لاستدعاء الصحافيين أمام الضابطة العدلية، سواء على مستوى النيابات العامّة أو الأجهزة الأمنية. وأكدّ الاتحاد على دعمه الكامل لتمسّك شربل وعبد النور، بـ “حقّهما في عدم الاستجابة لاستدعاءات مخالفة للأصول القانونية، وتمسّ بحرّية العمل الصحافي، وتفتح الباب أمام الترهيب والضغط على الصحافة المستقلّة”.

واعتبر الاتحاد أنّ “ما حصل في استدعاء للزميلين شربل وعبد النور يشكّل مسًّا فاضحًا ومتكرّرًا بهذا الحق، المكرّس في قانون المطبوعات وفي نضالات الصحافيين”. وأضاف أنّ “طريقة الاستدعاء تمثّل انتهاكًا صريحًا للمادة 47 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، إذ قام مكتب المباحث الجنائية بتبليغهما شفهيًا عبر الهاتف يوم السبت، وخارج أوقات الدوام الرسمي، رافضًا الإفصاح عن سبب الاستدعاء أو الجهة التي تقف وراءه”.

ودعا الاتحاد “جميع الجهات القضائية والأمنية إلى التوقّف الفوري عن هذه الممارسات الخارجة عن القانون، واحترام الدستور والقوانين التي تحمي الحرّيات الإعلامية، وتصون كرامة الصحافيين والصحافيات واستقلاليّة عملهم”.

من جهته، شدد نقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزف القصيفي في بيان على أنّ جميع القضايا المتعلقة بالمطبوعات تنظر فيها محكمة المطبوعات فقط في ضوء أحكام المادتين 28 و29 من قانون المطبوعات. واعتبر القصيفي أنّ محكمة المطبوعات هي “المخولة البت في كل مساءلة تتصل بالمهنة”. وأكدّ على “وجوب امتناع الزملاء الصحافيين عن المثول أمام الأجهزة الامنية”.

ولفت القصيفي إلى أنّها “ليست المرة الأولى التي يُستدعى فيها زميلات وزملاء بالطريقة التي حصلت مع الزميلين شربل، وعبد النور، فقد سبق أن استدعي الزميل نمر جبر بالطريقة نفسها”. وأكدّ أنّ “الصحافيين والإعلاميين خيمتهم قانون المطبوعات والمطبوعات فقط في ما يتعلق بمخالفات النشر، إذا صح أنّ هناك مخالفات”. وذكّر القصيفي بالتعديل على قانون المطبوعات الذي أُقر عام م 1994، “عندما عدّلت بعض أحكام قانون المطبوعات وقضت هذه الأحكام بأن تكون محكمة المطبوعات هي الفيصل في كل دعوى ترفع أمام الصحافي والإعلامي بقضية نشر بعدما ألغى العقوبات السالبة للحرية، وفي مقدمها الحبس”.

كما عبّر تحالف حرية التعبير والرأي في لبنان عن رفضه للاستدعاء وشدد على تضامنه مع الصحافيين في “عدم المثول أمام الضابطة العدلية، سواء على مستوى النيابات العامّة أو الأجهزة الأمنية، فيما يتعلّق بقضايا المطبوعات.” وأعاد التأكيد على “موقفه الثابت بضرورة أن تكون محكمة المطبوعات هي المرجعية للنظر في قضايا الصحافة والإعلام” رافضًا “لملاحقة أي صحافي خارج نطاق قانون المطبوعات أياً تكن الأسباب والذرائع، مؤكداً أن حماية الصحافي تنبع بالدرجة الأولى من الدستور اللبناني الضامن لحرية الرأي والتعبير.” وشدد التحالف على أن “شكل الاستدعاء الذي حصل شفهياً خارج أوقات الدوام الرسمي (يوم السبت) ومن دون تحديد أسباب وخلفيات الاستدعاء يُشكل مخالفة للمادتين 47 و147 من قانون أصول المحاكمات الجزائية.”

اخترنا لك