قانون انتخابي وطني جامع

قراءة في طرح العلامة السيد علي الأمين

بقلم أنور منصور

في بلدٍ أنهكته الطائفية السياسية والمحاصصات والمصالح الحزبية، وقدّر له أن يتأرجح بين التوافقات الهشة والانقسامات العميقة، يبرز بين الحين والآخر صوت إصلاحي يطرح رؤية بديلة تنبع من منطق المواطنة، لا المحاصصة.

من بين هذه الأصوات، يلفت الانتباه طرح العلامة السيد علي الأمين بشأن قانون انتخابي وطني جامع، نُشر في صحيفة “اللواء” بتاريخ 18 كانون الثاني 2013، ولا يزال يحتفظ براهنتيه حتى اليوم .

جوهر الطرح

يستند اقتراح العلاّمة الأمين إلى مبدأ بسيط وعميق: أن النائب يجب أن يكون ممثلًا لكل الأمة اللبنانية، لا لطائفته أو منطقته. ومن هذا المنطلق، يقترح أن يُعتمد لبنان دائرة انتخابية واحدة، وأن يُمنح الناخب صوتًا واحدًا لمرشح واحد دون أي قيد طائفي أو مناطقي، على أن تُحفظ المناصفة بين المسلمين والمسيحيين عبر فرز الفائزين الأوائل بحسب الانتماء الطائفي المعلن.

من الناخب الطائفي إلى المواطن الحر

من أبرز ملامح هذا الطرح أنه يحرّر الناخب اللبناني من القيود الطائفية، ويمنحه كامل الحرية في اختيار من يمثله، أيًّا كانت طائفة المرشّح. ففي هذا النموذج:

• يمكن للناخب الشيعي أن ينتخب مرشحًا سنيًا أو مارونيًا أو أرثوذكسيًا أو أرمنيًا إذا رآه أكثر كفاءة أو أقرب إلى قناعاته.

• ويمكن للناخب السني أن يختار مرشحًا شيعيًا أو درزيًا أو مارونيًا.

• والناخب الماروني يمكنه أن يصوّت لأي مرشّح يراه صالحًا، بغض النظر عن طائفته.

بهذا، تنتقل العملية الانتخابية من كونها محاصصة داخل الطوائف إلى منافسة بين الرؤى والبرامج. وتصبح صناديق الاقتراع ساحةً لحوار وطني حر، لا صراعًا هوياتيًا.

مواطنون لا فئات وقبائل

من أبرز نقاط الطرح، تأكيد العلامة السيد علي الأمين على المساواة الكاملة بين المغتربين والمقيمين، حيث يرفض فكرة تخصيص مقاعد محدودة للبنانيين في الخارج، ويؤكد أن لهم الحق بالتصويت الكامل ضمن نفس الإطار الوطني، باعتبارهم مواطنين كاملي الحقوق.

الخروج️ من أسوار الطائفية والمناطقية إلى المواطنة

طرح العلاّمة السيد علي الأمين لا ينكر الواقع الطائفي اللبناني، لكنه لا يرضى بالخضوع له وكانت إحدى نداءاته الشهيرة: ندائي إلى أهلي في كل لبنان: (أخرجوا من أسوار الطائفية وسجون المذهبية إلى رحاب الوطن الواحد والعيش الواحد).. هذا الطرح يسعى إلى تجاوز الفرض الطائفي بآلية دستورية تضمن المناصفة، دون أن تُكبّل حق المواطن بالاختيار الحر من خلال صوت ناخب واحد لمرشح واحد (نظام التصويت الفردي) . ومن هنا، يمكن اعتباره طرحًا وسطيًا جامعًا، يصلح كأساس لنقاش وطني واسع حول مستقبل التمثيل النيابي.

ما يميز هذا الطرح أيضًا أنه واقعي وغير تصادمي. فهو لا يطالب بإلغاء المناصفة أو تعديل الدستور، بل يقدّم تصورًا إصلاحيًا داخل الإطار الدستوري الحالي. ومن هنا، يمكن اعتباره طرحًا وسطيًا جامعًا، يصلح كأساس لنقاش وطني واسع حول مستقبل التمثيل النيابي.

لذلك في ظل الانقسامات الحادة والجمود الدستوري، يمثّل طرح العلامة السيد علي الأمين نافذة إصلاحية هادئة وجريئة في آن. إنه طرح يُعلّي من شأن المواطنة، ويعيد الاعتبار للعيش المشترك، ويمنح المغتربين حقوقهم الكاملة، ويطرح منطقًا انتخابيًا وطنيًا لا طائفيًا، دون أن يهدد التوازنات التي أقرها اتفاق الطائف.

هذه الفكرة تضرب جوهر الطائفية السياسية في الصميم، دون أن تمسّ التوازن الوطني: فهي تحرّر المواطن من “الزعيم الطائفي وتحمي تمثيل الطوائف عبر آلية المناصفة لكن دون فرض الطائفية على عملية التصويت.

وهو يشكل نظامًا انتخابيًا وطنيًا جامعًا، شبيهًا بما يحدث في بعض الدول الديمقراطية المتعددة الهويات، حيث: يُنتخب المرشّح بناءً على الكفاءة والبرنامج، لا على الهويّة الطائفية وتُحفظ التوازنات العامة بآليات قانونية لا تُلغِي الحرية السياسية بل تجعل الناخب اللبناني مواطنا حرا، غير تابع لطائفة، ويمتلك الحق الكامل في اختيار المرشّح الذي يعبّر عن قناعاته ورؤيته الوطنية، بغض النظر عن طائفة هذا المرشح أو منطقته.

إنه طرح يستحق أن يُناقش بجدية، وأن يُترجم إلى مشروع قانون يُعرض على الرأي العام وممثلي الشعب، لأن لبنان لا يحتاج فقط إلى انتخابات بل إلى قانون انتخابي يعيد تعريف من هو “النائب” ومن هو “المواطن”.


قال العلّامة السيد علي الأمين إجابة على سؤال، القانون الانتخابي الذي نطمح إليه فهو الذي يؤدي للمحافظة على العيش المشترك وإلى التمثيل الصحيح لمختلف شرائح الشعب بحيث لا يكون هناك إلغاء أو تهميش لأحد ، وهذا يستدعي أن يكون القانون حاملاً للطابع الوطني العام ويحصل هذا في تصورنا بـ:

أ- تجاوز القيد الطائفي والمناطقي انتخاباً وترشيحاً مع المحافظة على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في المقاعد النيابية .
ب- المواطن ينتخب بصوتٍ واحد لمرشح واحد.
ج- لا ينحصر انتخاب النّائب بمنطقته وطائفته وإنّما ينتخب من كل المناطق ومن كلّ الطوائف.
د – يؤخذ عدد النواب المقرر لكل طائفة من الناجحين الأوائل من نفس الطائفة
هـ – المغتربون لهم حقّ الاقتراع حيث يقيمون وهم في القانون مع المقيمين متساوون

اخترنا لك