بقلم د. علي خليفة
ساد مناخ في الجنوب، قبيل الانتخابات النيابية الماضية، يدعو إلى جمع شمل أكبر عدد ممكن من المعارضين، فلان مع فلان وفلان… باستثناء القوات اللبنانية. وانخفض بنتيجة هذا الجمع سقف الخطاب المناهض لـ”حزب الله”.
صار البعض يتحدث عن الفساد، وآخرون عن المصارف، وآخرون يهتفون: “يا عمال العالم صلوا على النبي”، وجرت مراسم الاحتفال بالنصر المؤزر على النازية… وهكذا دواليك. حتى صرتُ أنا وبعض من معي نُنعَت بأننا متطرفون في مواجهة “حزب الله”، وأن الخطاب العالي السقف لمواجهة “حزب الله” غير مجدٍ. وعلت الموجة الصاعدة على خطابنا الثابت، وركبها من ركبها من ممتهني صناعة الانتخابات في الجنوب.
وفرّخت اللقاءات والتجمعات كالطحالب، وشجّعت بعض المنصات على تضارب مصالح واضح: حفل إطلاق هنا… جسّ نبض هناك… محاولة ليّ ذراع هنا… ترسيم مناطق نفوذ… حروب “الحرتقات” الصغرى بين بقايا الشيوعي، وشوارد اليسار، وبيارق “تغيير”، ومجموعات وشخصيات في سبات عميق على امتداد ثلاث سنوات، تصحو قبيل الانتخابات بأشهر من أجل صنعة تؤديها وأدوار ومغانم تتقاسمها.
في هذه المعمعة، برز إلياس جرادي. الرجل الذي حل نائبًا محل أسعد حردان، لكنه أبقى “ملائكته” حاضرة في كل موقف يتخذه وكل سلوك يؤديه. بالمقابل، تم التهليل له على أنه خرق واضح. بُعيد انتخابه نائبًا تغييريًا معارضًا في الجنوب، زار إلياس جرادي سوريا بشار الأسد، فارتبكت الجماهير التي أنبتته من هول هذه السقطة.
كان إلياس جرادي وقتئذ أقل وقاحة، فبرر الزيارة بقوله ما معناه: طبيب عيون يزور طبيب عيون. تعامى إلياس جرادي عن شناعة فعلته. واليوم قد يترشح إلياس جرادي على لوائح “حزب الله”، بعدما كان طوال الثلاث سنوات الماضية حصان طروادة للممانعة في صفوف نواب المعارضة والتغيير.
إلياس جرادي ليس شخصية بعينها، إنه نموذج عن حالة يستخدمها “حزب الله” لتخفيض سقف معارضيه في كل الطوائف، وبين بعض المعارضين الشيعة تحت عناوين شتى، ومن ثم خرقهم أو ترويضهم أو ترهيبهم للامتثال، أو ترغيبهم بالخضوع.
لا نقبل للمعارضة في مواجهة “حزب الله” نماذج ملتبسة مثل إلياس جرادي، أو ظروفًا تعيد إنبات من كان مثله.