أديب زخور : الاختلاف في القرارات بتحديد السنوات التمديدية “٩ و ١٢” سنة

يؤدي إلى عدم المساواة أمام القانون ولا يمكن التذرع بالغموض

أوضح رئيس تجمع الحقوقيين للطعن وتعديل قانون الإيجارات المحامي اديب زخور، أنه لا يمكن التذرع بغموض نص المادة 15 من قانون الإيجارات 2/2017 استناداً الى المادة 4 أصول محاكمات مدنية بعكس مضمون نص المادة 15 البسيط والواضح والصريح، لإعطاء بداية جديدة لانطلاقة قانون الإيجارات بمفعول رجعي من 2014 مما سيؤدي الى اخلاء المستأجرين وعائلاتهم بطرق […]

أوضح رئيس تجمع الحقوقيين للطعن وتعديل قانون الإيجارات المحامي اديب زخور، أنه لا يمكن التذرع بغموض نص المادة 15 من قانون الإيجارات 2/2017 استناداً الى المادة 4 أصول محاكمات مدنية بعكس مضمون نص المادة 15 البسيط والواضح والصريح، لإعطاء بداية جديدة لانطلاقة قانون الإيجارات بمفعول رجعي من 2014 مما سيؤدي الى اخلاء المستأجرين وعائلاتهم بطرق وأزمنة مختلفة ومبكرة ومتفاوتة من جهة وبعض الاحكام تحرمهم من التعويضات الامر المخالف للقانون ٢/٢٠١٧ والى مبدأ المساواة امام القانون المنصوص والمحمي في الدستور اللبناني كما مخالفاً المادة 59 التي نصّت صراحة على الغاء جميع الاحكام المخالفة او المتناقضة مع القانون 2/2017 ومنها المادة 15 القديمة، وقد استندت اليها اعلى مرجعيتين استئنافيتين في بيروت وجبل لبنان حيث تميّزت قراراتها برئاسة الدكتورة القاضية ريما شبارو بطرح مفهوم وحدة قانون الإيجارات في مواده وعدم جواز تجزئته وبدء تعداد السنوات الاّ بعد اكتمال عناصره المؤسسة وعدم إمكانية انطلاقتها دون وجود وتوفر كافة عناصر ووجود مؤسساته الرسمية كاللجان والصندوق، وبعدها يكون الانطلاقة من 2017، وتتلاقى مع الاجتهاد الطويل لمحكمة التمييز كما بينا مراراً، حيث يفترض الحفاظ على الثبات في الاجتهاد العلمي والقانوني، وان اختلاف القرارات الصادرة عن المحاكم تؤدي إلى عدم المساواة أمام القانون والمحمي بالنصوص الدستورية ولا يمكن التذرع بغموض النص الواضح لا سيما المادة ١٥ مما يؤدي إلى تفسيرها وتطبيقها بشكل خاطئ مع باقي المواد.

ويتلاقى ذلك مع ما قاله العلامة جان بودان (Jean Bodin) – الفيلسوف والقانوني الفرنسين “Le droit seul ne gouverne pas; ce sont les institutions et les mécanismes qui l’appliquent qui assurent sa souveraineté” كما يتقابل وضوح نص المادة 15 مع قراءة واضحة لها من القضاة وقرارات معظم القضاة المنفردين، ومحكمة استئناف بيروت، أقلّه عند تعارض مواد القانون 2/2017 مع غيرها تطبق مواد القانون الجديد، وقد صدرت عن غرفة الرئيس ايمن عويدات العديد من القرارات ومنها قراراً بتاريخ 24/6/2021 تحت رقم 318/2021، واعتبر سريان القانون والزيادات وفقاً لقانون الإيجارات هو من تاريخ نشر القانون رقم 2/2017، وصدرت بعدها مئات القرارات من مختلف المحاكم بداية تؤكد هذا التوجه مستندين الى صراحة المواد 15 و58 و59 و60 من قانون الإيجارات، بحيث ان مخالفة المادة 15 لا يندرج ضمن مفهوم الغموض بل الخطأ في تفسير وتطبيق المادة 15 بحد ذاتها مع ما سبقها وما يليها من ذات القانون.

وإن العلامة مارسيل بلانيول (Marcel Planiol) وهو من كبار فقهاء القانون المدني يقول: «Quand la loi est claire, il ne faut pas aller chercher ailleurs sa signification.»

كما أن مبدأ ‘interpretatio cessat in claris’ يقضي بعدم جواز التوسع في تفسير النص الواضح مثل المادة 15 الواضحة والصريحة والتي تتحدث عن انطلاق القانون 2/2017 من تاريخ نفاذه في 28/2/2017، وهذا ما ثبت في اجتهاد محكمة التمييز الفرنسية: Cass. 3e civ. 2 juin 2015، Cass. 1re civ. 28 mai 2008. وعليه، فإن التأويل بعيدا عن النص يُعد خروجًا على النص واختلاقًا للغموض، بل قد يرقى إلى ‘déni de justice’،” ويخرق المبدأ والمواد الدستورية والأكيد المؤكد في عدم المساواة امام القانون وعدم رجعية القانون المنصوص عليها ايضاً في المادة 60 مع وضوح المادة 59 بإلغاء المواد والاحكام المخالفة او المتناقضة مع القانون 2/2017، والذي يقود الى الخطأ في تفسير القانون وتطبيقه، ويقول العلامة ديموغ (Demogue): «لا يجوز للتفسير أن يحرف المعنى الواضح لنص القانون.» «L’interprétation ne doit jamais dénaturer la lettre claire de la loi.»

والا اخطأ القاضي في تفسير القانون وتطبيقه بحجة غموض النص، مع العلم انه لا يجوز التوسع في تفسير قانون الاستثنائي، كما يؤكد العلامة عبد الرزاق السنهوري، عميد الفقه القانوني العربي: «لا يجوز التوسع في تفسير النصوص الاستثنائية، لأنها تخرج عن القواعد العامة، وتُفسَّر في أضيق الحدود.»، كما في التحليل وحيثيات شرح المادة 15 لا يمكن اعتبار أن المشرّع اخطأ في صياغة المادة 15 من جهة وهي تختلف عن الغموض، اي يكون شرح المادة 15 بالاساس واضحاً وألقى الخطأ على المشرّع، بحيث لا يمكن الخروج عن النص واضافة عليه كلمات وحروف غير موجودة في النص الأصلي، وهذا ما اكّده وقالها العلامة Jean Étienne Marie Portalis في الخطاب التمهيدي للقانون المدني الفرنسي القاه في العام 1801، وهو قول لاتيني، Maxime latine – Interpretatio cessat in claris : «Quand la loi est claire, il ne faut point en éluder la lettre sous prétexte d’en pénétrer l’esprit.» اي “عندما يكون النص واضحًا، لا ينبغي التهرب من حروفه بزعم الانغماس في روحه” discours preliminaire du premier projet de code civill 1801
ولا يؤخذ بحيثية “خطأ المشرّع” والقياس والخروج عن النص الواضح، الذي يخالف ايضاً مبدأ سيادة النص المكتوب وهو القاعدة حيث لا يجوز التوسّع في شرح القوانين الاستثنائية كما بينا، «Le texte formulé de la loi doit prévaloir sur les intentions réelles ou supposées du législateur…» أي: النص التشريعي المكتوب هو الأعلى، ولا يمكن تجاوزه بالعودة إلى نوايا المشرّع.

المرجع : قرار Luxembourg, Cour de cassation 19 ديسمبر 2024

بل أكثر من ذلك، ان القانون 2/2017 تم الطعن به امام المجلس الدستوري ومن اهم المبادئ ، هي وضوح التشريع فلو وجد المجلس غموضاً في المادة 15 لكان ابطلها على الفور، يراجع: قرار المجلس رقم 1/2005 (19 تموز 2005) قضى المجلس بإلغاء قانون رقم 679/2005 لكونه “غير واضح على الإطلاق” خاصة عبارة «ريثما يتم استكماله»، واعتبر أن هذه العبارة غامضة وتضلل بشأن أثرها على اختصاص المجلس يراجع ايضاً : قرار حول الموازنة والتعويضات (آذار وأيار 2025) عدّ المجلس بعض البنود غامضة لدرجة تجاوزها المبنى الواضح للنصوص الدستورية، مثل المادة 17 الموازنة التي وصفها بأنها “غامضة والتباس وعدم وضوح مفرط مبدد لمعناها” ومثل هذه الأحكام استندت إلى فقرة مماثلة: النص الغامض يهدد المساواة والعدالة ويسمح بتطبيقات استنسابية . يراجع القرارات الفرنسية حول نصوص ومبادئ مقابلة.

أ. مبدأ “وضوح القانون” – دستور 1789

قضى المجلس الدستوري في قـرار Avenir de l’école (21 نيسان 2005) أن القانون يجب أن يكون “منتظماً (normatif)، واضحاً (intelligible)، وخالياً من صيغ غامضة” لضمان الحماية من التفسير التعسفي .

وبما أنه إذا رأى المجلس الدستوري في لبنان أن نصّاً “غير واضح بما يفقده المعنى” – ينتفي به مبدأ وضوح القانون – فإنّه يبطل نصّه (كقانون 679/2005 والموازنة).

وبما أن المجلس الدستوري اطلع على مواد قانون الإيجارات لا سيما المادة 15 ولم يبطلها لغموض النص، فيكون الادلاء بغموضها خارج البحث القانوني بشهادة وقرار المجلس الدستوري وتطبيقها من اغلبية محاكم الاستئناف والبداية معطوفة على المادتين 59 و60، وكرّس وضوح وصراحة النصّ الذي يحتوي على عبارات سهلة الفهم بالنسبة لانطلاقة القانون من تاريخ نفاذ القانون 2/2017.

ومن جهة أخرى، عند مقاربة أي من القانونين 2017 بغض النظر ان قانون 2014 تم ابطاله في المجلس الدستوري وعطّل 37 مادة متعلّقة بالإيجارات السكنية، والاشكاليات المطروحة، فإن القانون الاحدث يلغي القانون الاقدم في حالة التعارض فكيف لو كان هناك نصّ صريح في المادة 59 من القانون 2017، وعلى الأقل مقارنة المادة 15 مع المواد بذات القانون التي توضح انه مفترض بعد استكمال عناصره ومؤسساته انطلاقته من “تاريخ نفاذه” وهي عبارة واضحة تكررت وربطت بتاريخ نفاذه في 28/2/2017، او عبارة نشره، غير عبارة المذكورة في المادة 58 التي علّقت معظم المواد ومنها انطلاق المهل من تاريخ دخول الصندوق او الحساب حيّز التنفيذ، ومن العودة الى النصوص، لا يمكن الرجوع لاستكمال الإلغاء الصريح في المادة 59 بتعديل وجعله امتداد لنص المادة 15 القديمة المتناقضة والملغاة بوجود المادة 15 و59الواضحة والصريحة، يراجع: قرار المحكمة العليا الفرنسية (Cour de cassation) في قرارها رقم 1234/1999، قالت المحكمة: « Il est impossible d’appliquer simultanément deux textes législatifs contradictoires régissant une même situation juridique. Le texte postérieur prime et annule le texte antérieur en cas de conflit. » “لا يمكن تطبيق نصّين قانونيين متناقضين في نفس الوقت على نفس الوضع القانوني. النص الأحدث هو الذي يسود ويلغي النص السابق عند التعارض.”
وهذا القرار يُعتبر من المبادئ الراسخة في القانون الفرنسي وحل النزاعات التشريعية.

وفي مطلق الاحوال، لا يمكن تجاوز المادة 59 الصريحة في القانون 2/2017، حيث يتحقق الالغاء حكماً ولا يجوز التعديل عند اي اختلاف او تناقض سواء القانون كوحدة لا تتجزأ او بكل مادة على حدة، سواء مع المادة 15 او غيرها، ومن منطلق المادة 59 يمكن مراجعة ما قاله العلامة Jean Carbonnier: «Un texte abrogé ne peut produire aucun effet juridique, même à titre d’interprétation.» “النص المُلغى لا يمكن أن يُنتج أي أثر قانوني، ولو على سبيل التفسير.”

وفي حكم لمحكمة النقض الفرنسية، Cass. civ. 3e, 9 avril 2002 :

“L’interprétation d’un texte en vigueur ne saurait s’appuyer sur des dispositions abrogées.” “تفسير نص نافذ لا يمكن أن يستند إلى أحكام أُلغيت.”

وفي الفقه العربي: الدكتور عبد الرزاق السنهوري:

“لا يجوز الاستناد إلى النصوص الملغاة لتفسير نصوص جديدة، لأن ذلك يُخالف نية المشرّع في التشريع الأخير.”

ومن هنا يوضح الفقه الفرنسي والفقه القانوني العام أن:

الإلغاء (abrogation) هو رفع النص من النفاذ وعدم تطبيقه، وهو إجراء يفقد النص القديم قوته القانونية.

بل اكثر من ذلك، لا يجوز التعديل (modification) في ظل وجود الإلغاء، بل ونصوص واضحة بالإلغاء الكلي والجزئي، كما أكد العلامة مارسيل فالين (Marcel Waline): “L’abrogation implique la disparition de la norme ancienne, ويوضح العلامة فالين ان القانون الاستثنائي لا يُمدّد أو يُقاس عليه لأنه خروج عن الأصل العام وقال أيضا: “Les règles dérogatoires ne s’interprètent pas par analogie.” “القواعد الاستثنائية لا تُفسّر بالقياس.”

كما لا يمكن الخروج عن النص وفرض شروط جديدة غير منصوص عليها لإسقاط حق المستأجر من التمديد، بعكس ما جاء في متن المادة 16 على سبيل المثال تحت طائلة الاسقاط وذلك بوجوب ابلاغ المالك في نهاية ال9 سنوات تحت طائلة اسقاط حقه وهي مخالفة واضحة لوحدة النصوص التي تفترض أولا عمل وانشاء الصندوق واللجان، ويتوجب التحقق من وجودها وعملها ومن إجراءاتها التي لا زالت معلّقة وفقاً للمادة 58، ومن ثم ضمان للمستأجر ممارسة خياراته بالبقاء او بترك المأجور وفقاً للمادتين 16و27، “وليس حكما ابلاغ تحت طائلة اسقاط حقه”، إضافة الى العديد من الشروط فصلناها في دراساتنا السابقة، ومن هنا ان عدم إعطاء المستأجر لحقوقهم والحق بممارسة خياراتهم تعتبر استنكافاً عن احقاق الحق ولا يجوز التوسع بتفسير النصوص لتعديلها او لإلغاء الحقوق او فرض اسباباً للإسقاط غير منصوص عليها في القانون، يراجع محكمة التمييز- مدنية رقم 53 تاريخ 31/5/2006″ ان الاسقاط من حق التمديد يفترض إدارة ثابتة غير متنازع فيها فيأتي منصباً على طلب الجهة المؤجرة اسقاط المستأجر من حق التمديد المحددة حصراً في القوانين الاستثنائية للإيجارات”.

بخاصة ان أي خلل بتطبيق القانون سوف يؤدي الى تهجير وإخراج العائلات المتواضعة ومعظمهم من كبار العمر مع عائلاتهم على الطريق مباشرة، وهذا اخطر ما يكون، فاللبناني يمكن ان يكمل حياته بالتقشف وتحمل صعوبات الحياة لكن لا يمكن ان تستمر اي عائلة دون سقف يأويها، وكل ما هو مطلوب تطبيق القانون باعتدال وتوازن، ونحن على ثقة في المقولة اللاتينية القديمة العدالة عمياء، أي أن العدالة لا تفرّق بين غني وفقير، قوي وضعيف، بل تُحكِّم القانون وحده، لا يفترض بها التحيّز مع الم ضد ألم آخر، او عدالة ضد عدالة موازية، يراجع : إن محكمة النقض الفرنسية، الغرفة المدنية الثالثة (4/10/1995، 93‑14.040، بند ‎Bulletin Civil 1995 III n°212) أبطلت حكم استئنافي بالإخلاء لأنها لم تتحقق مما إذا كان المستأجر مستوفياً لشروط البقاء ضمن السكن الاجتماعي، مما يشير إلى وجوب التحقق القانوني الدقيق من هذه الشروط قبل إصدار قرار بالإخلاء.»

اخترنا لك