استباحة الدولة… باسم “#الحسين”

بقلم نانسي اللقيس
@lakiss_nancy

“ألا وإن الدعيّ ابن الدعيّ قد ركز بين اثنتين : بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة.”

حين قال الإمام الحسين “هيهات منا الذلة”، لم يكن يهدّد، بل كان يرفض أن تُفرض عليه طاعة السلاح. خرج ثائرًا ليواجه الظلم لا ليغطيه، ووقف في كربلاء ليُسقط دولة القمع، لا ليُقيم دويلة على أنقاض الناس. واليوم، يُستباح اسمه لتُهان الدولة، وتُستعرض الأسلحة في حضرة جمهورية مأزومة.

كل مشهد في هذا العرض يقول بوضوح: لا دولة فوق السلاح، ولا شرعية إلا لمن يفرضها بفائض القوة. لا معنى للمؤسسات، ولا هيبة للرئاسة، ولا وجود للدستور، حين يُختصر الوطن في حزب، وتُختزل السيادة في موكب استعلائي يتحدى الجميع.

لا شيء يبرّر هذا الاستعراض سوى الرغبة بتكريس معادلة الانتصار الدائم على الدولة. لا العدو على الحدود، ولا الحرب في الداخل، بل شعب أعزل، وجيش مكبّل، وسلطة تتفرّج. وما بين دبابة ساكنة ورايات حزبية مرفوعة، تضيع الجمهورية ويُذبح المعنى الحقيقي لعاشوراء.

الإمام الحسين خرج ليرفض الظلم، وهنا الظلم يرتدي اسمه ويجول في الطرقات. عاشوراء كانت نداءً للحرية، واليوم تُستغل كصوت للقمع. الحسين واجه السلاح بوجه مكشوف، وهم يخبّئون سلاحهم خلف مظلوميته.

هذا ليس ولاءً، بل تشويه. ليس حزنًا، بل استباحة. ليس انتماءً، بل سطوة.

أسوأ ما في المشهد أن المعتدين لا يعتذرون، بل يُفاخرون. يعتبرون أن السلاح شرف، وأن العرض رسالة، وأن التخويف “مقاومة”. والحقيقة أنّ هذا الاستعراض، بكل تفاصيله، لا علاقة له بإسرائيل، بل بالدولة اللبنانية نفسها، التي يتعاملون معها كعدو ثانٍ يجب إخضاعه.

الرسالة وصلت، الدولة بلا قرار. الجيش بلا صلاحية. الشعب بلا حماية. والحسين، الذي قُتل لأنّه رفض الطغيان، يُستعمل اليوم لتبرير الطغيان ذاته.

اخترنا لك