هل اقتربت الرصاصة الأخيرة؟

بقلم خلود وتار قاسم

نعيش في قلب لعبة مجنونة تُشبه الروليت الروسي، لكن المسدس هذه المرّة بيد الكبار، ونحن الحلقة الأضعف التي تنتظر – بجهل أو خنوع – الطلقة التي ستنهي ما تبقّى من وطن.

كل فريق دولي وكل مين لفّ على ملفه في لبنان، ربط خيوطه، ورسم حدوده الجيوسياسية ومصالحه، وبقي المواطن وحده يدفع الثمن.

ثمن الهيمنة، ثمن الصراع على خطوط الغاز والممرات، ثمن ولاءات تتبدّل، وعروش تُبنى على حساب الشعوب المستباحة.

إلى متى نبقى وقودًا في حروب ليست حروبنا؟

إلى متى نبقى نجلد أنفسنا، ونخضع لغسيل أدمغة يُقنعنا بأننا المسؤولون الوحيدون عن كل هذا الخراب؟

نعم، نحن أدوات تُدمّر ذاتها، لكننا لسنا العقل المدبّر لهذا الانهيار المتقن. نحن منفذون في لعبة رسمتها قوى عظمى تعرف ماذا تفعل، ومتى، وأين، وكيف.

والأخطر؟ أنها تستخدمنا نحن لتنفيذ أوامرها، ونحن نُنفذ… وبحماسة.

لا ألوم تلك القوى… فهكذا تسير الحياة: القوي يفرض هيمنته.
لكن العتب – كل العتب – على خنوعنا، على أننا أصبحنا أعداء أنفسنا.
توقّفنا عن رؤية الطريق.
توقّفنا عن الالتقاء.
توقّفنا عن الثقة ببعضنا… وحتى بأنفسنا.

صرنا نُطلق النار على بعضنا البعض، فارتاح المستعمر من عناء التصويب.
صرنا نتسابق على خنق ما تبقّى من رجولة، من شرف، من نخوة.
تراجعت قيمة “الرجل الحر” لتحلّ مكانها “ذكورة خائفة” تلهث خلف مكاسب آنية رخيصة ملفوفة بورقة طائفية، بينما حقيقتها لا تتجاوز حدود المصلحة الشخصية والعائلية.

لم يعد الوطن أولوية.
لم تعد الأرض مقدّسة.
اختفى “الرجل القيمة” — ذاك الذي يضع الكرامة فوق الخبز، والوطن قبل المقعد، والناس قبل الذات.

صرنا بيئة سهلة الترويض.
صارت السيطرة علينا لا تحتاج لا إلى جيوش، ولا إلى مؤامرات… فقط إلى شاشات وتفاهة وأحزاب وقيادات لا تخجل.

وفي كل هذا الانتظار المرّ، ننتظر… رصاصة أخيرة.
رصاصة قد لا تأتي من عدوّ… بل منّا، نحن.
نطلقها على ما تبقى من وعي، من أمل، من وطن.

اخترنا لك