بقلم بلال مهدي – خاص بوابة بيروت
في ظل تصاعد الضغوط الدولية واحتدام النقاشات حول مصير السلاح غير الشرعي في لبنان، كشفت مصادر مطّلعة لـ”بوابة بيروت” أن “حزب الله” لم يُقدّم حتى الساعة أي ردّ خطي لرئيس مجلس النواب نبيه بري بشأن الورقة الأميركية المقترحة حول الجنوب ونزع السلاح، بل اقتصر التواصل بين الجانبين على “اتصالات شفهية ومداولات غير ملزمة”، في وقت يواصل فيه الحزب تحرّكه وفق أجندته الخاصة، بعيدًا عن أي التزام بالمهل الزمنية التي تطرحها واشنطن.
وبحسب المعلومات، فإن “حزب الله” يرفض إدراج قراره العسكري ضمن أي سياق دولي أو تفاهم داخلي يُلزمه بالتخلي عن سلاحه الثقيل، ما يُعقّد مهمة الوسطاء ويُربك جهود بناء موقف لبناني موحد، فيما الملف الجنوبي يزداد تعقيدًا وسط تلويحات بتدويله في حال تعذّر الحلّ الداخلي.
وفي هذا السياق، تتحضّر الحكومة لعقد جلسة مرتقبة خلال أيام، من المتوقع أن تُطرح فيها مسألة حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، وسط مساعٍ رسمية لإصدار موقف واضح يُشكّل مرتكزًا للتفاوض مع الجهات الدولية المعنية، لا سيما في ظل تأكيد مصادر رسمية أن لبنان بات أمام خيارين “الانتظام تحت سقف القرار 1701، أو التعرّض لضغوط أممية قد تصل حدّ فرض وقائع جديدة على الأرض”.
إلى ذلك، أكدت المصادر أن اللجنة الرئاسية المكلفة بإعداد الرد اللبناني على الورقة الأميركية قد أنهت دراستها، ومن المقرّر أن يعقد الرؤساء الثلاثة اجتماعًا لوضع اللمسات الأخيرة على الموقف الرسمي وإطلاقه بصيغة موحدة، في ظل حرص على تفادي الانقسام الداخلي وتحصين الساحة الوطنية أمام أي سيناريو تصادمي.
وتتجه الأنظار أيضًا إلى زيارة الموفد الأميركي توماس باراك إلى بيروت، في إطار جولة جديدة من الضغط الدبلوماسي الرامي إلى دفع لبنان نحو تطبيق القرار 1701 بالكامل، وتجريد “حزب الله” من سلاحه ضمن خطة لإعادة ضبط الوضع الأمني جنوبًا وضمان استقرار الحدود.
وفي ضوء تعنّت “الحزب” وتجاهله لأي نقاش جدي حول مسألة السلاح، تُحذّر مصادر ديبلوماسية من لجوء الأمم المتحدة إلى تفعيل الفصل السابع من ميثاقها، ما يعني إمكانية فرض قوات دولية يسمح لها “استخدام القوة العسكرية” في الجنوب، وتنفيذ قراراتها بالقوة، الأمر الذي يفتح الباب أمام مواجهة خطيرة على الأرض.
ومن التداعيات غير المباشرة لهذا السيناريو، تشير المعلومات إلى وجود مخاوف جدية من أن تطال قرارات الأمم المتحدة العاملين اللبنانيين ضمن “اليونيفيل”، سواء بصرف جماعي أو إعادة هيكلة للمهام والكوادر، ما قد يؤدي إلى خسارة آلاف العائلات اللبنانية مصدر رزقها الوحيد، في تكرار مأساوي لما حدث في الخليج عندما طُرد آلاف اللبنانيين بسبب تهديدات “الحزب” وحلفائه تجاه دول الخليج.
في الخلاصة، يبدو أن لبنان على مفترق خطير، بين خيارين لا ثالث لهما، إما قرار وطني موحّد يُحصّن الدولة ويمنع التدويل، أو مزيد من العناد الذي قد يكلّف اللبنانيين ما تبقّى من مؤسسات وسيادة واقتصاد.