ندوة لـ”منظمة العمل” عن الحرب “الأميركية ـ الإسرائيلية” على ايران والمنطقة ومضاعفاتها لبنانيًا

نويهض وفحص تطرقا الى النتائج و"الاحتمالات الخطيرة"

أقامت “منظمة العمل اليساري الديمقراطي العلماني” ندوة في مقرها في وطى المصيطبة بعنوان ” المنطقة بعد الحرب الأميركية – الإسرائيلية على ايران وانعكاساتها على لبنان” تحدث خلالها كل من الباحثيْن والاعلاميين وليد نويهض وحسن فحص وقدمهما عضو المكتب التنفيذي للمنظمة جمال حلواني، في حضور الوزير السابق حسن منيمنة ورئيس المكتب التنفيذي للمنظمة زكي طه وعدد من أعضاء القيادة والكوادار وعايدة أبو فراج وايمان شمص وفاطمة مشرّف وراشد صبري حمادة والعميد خالد جارودي والصحافي وليد شقير والدكتور فارس أشتي وخليل ريحان ووسيم غندور والمهندس جو هوا ومحمد صفا والنقابيين محمد قاسم ورائد همدر وممثلين عن التنظيمات الفلسطينية وجمعية “النوروز” وعدد من المعلمين والطلاب والنقابيين وحشد من المهتمين.

قدم حلواني الندوة والمنتدين وقال: ” تدخل المنطقة بأكملها كيانات ومجتمعات مرحلة جديدة كليًا من التحولات التاريخية التي نشهدها. وهي مرحلة تضع مستقبل شعوبها وبلدانها وأمام أسئلة مصيرية. بعد أن باتت تحت السيطرة الأميركية الكاملة، أو أصبحت على طريق ما تصفه إسرائيل ولادة الشرق الاوسط الجديد. دون تحديد ماهية هذا الجديد؟”.

أضاف: “لقد استندت هذه الحرب على المفاعيل التفكيكية لسياسات النظام الايراني وتدخلاته في أزمات البلدان العربية، والى المحصلات التدميرية لمعارك المساندة التي خاضتها قوى تحالفاته على أكثر من جبهة وميدان. وكان للبنان حصته الوازنة من القتل والتهجير والدمار والخراب. وهو إلى الآن يتخبط في مواجهة نتائجها، سواء المتعلقة بشروط اسرائيل المرعية اميركيا ودوليا، أو لناحية إجبار جيشها عن الانسحاب من المواقع اللبنانية المحتل وصولاً إلى نفاذ حق الدولة في حصرية امتلاك السلاح”.

تابع: “تتجاوز الأسئلة لبنان لتطال بلدان وكيانات وأنظمة وشعوب المنطقة العربية وايران، بدءا من فلسطين ومصير قضيتها وتصل إلى باقي الدول القريبة والبعيدة. اسئلة نطرحها على الكاتب والباحث وليد نويهض، وكذلك الكاتب والاعلامي حسن فحص”.

نويهض

أشار نويهض في بداية مداخلته إلى “ضرورة قراءة الأسباب القريبة والبعيدة لما يحدث بالعودة إلى ابن خلدون الذي رأى في الحاضر مرآة الماضي”. ووصف ما نشهده بأنه “نتيجة تفاعلات إقليمية ودولية بدأت منذ الثمانينيات عنوانها الرئيسي هو إعادة هيكلة الشرق الأوسط، بما تتضمنه من إعادة النظر بخرائطه الجغرافية والديموغرافية في ضوء انتقادات متواترة للخرائط التي أرساها الثنائي البريطاني – الفرنسي في سايكس بيكو ووعد بلفور. وكي تتحقق مثل هذه الأهداف كان لا بد وأن تتفجر المنطقة كما أكدت عليه وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندوليسا رايس التي تحدثت عن الفوضى الخلاقة”. واعتبر ان” خلط أوراق المنطقة له أسبابه البعيدة الضاربة جذورها في القديم، وأسبابه القريبة المتصلة بالمتغيرات الدولية التي طرأت عل المنطقة بعد انهيار معسكرات الحرب الباردة . وما حصل ويحصل الآن وبعد فترة من شأنه أن يعطي فكرة معقولة عن خلفيات وأبعاد الانهيارات التي عمت منطقة المشرق العربي بعد تفكك السلطنة العثمانية وتدخل المنظومة الدولية بشؤون الأقاليم. وانطلاقا من ضرورة استعادة رسم هياكل الشرق الأوسط الجديد يمكن متابعة كل ما حدث في المنطقة منذ التسعينيات تباعا في كل من فلسطين والعراق وسوريا ولبنان. فقد تطلب تغيير الخارطة موجات من الحروب، ثم جاءت عملية 7 أكتوبر 2023 لتجعل المنطقة أشبه ما تكون بقطعة شطرنج عليها مجموعة أحجار مبعثرة. وجزم أنه بعد مرحلة التفكيك هناك مرحلة إعادة التركيب التي نعيش تحت وطأتها، لاسيما بعد حروب غزة ولبنان وايران. وتفترض هذه المرحلة خطة عمل انطلاقا من عوامل مساعدة بصرف النظر عن الألوان الأيديولوجية والمساحيق التي تلون المشهد”.

وتوقف عند الطروحات التي تتناول ثلاثة ممرات مائية – برية هي: طريق الحرير التي يعاد صوغها من الصين إلى أوروبا مرورا بأوراسيا. ممر البهار الذي طرحته إدارة واشنطن في عهد بايدن، وهو يمتد من بومباي وصولا إلى حيفا، ويتجنب المرور في باكستان وايران وتركيا، ويعزل مصر وقناة السويس. ممر داوود وهو الأخطر وقد طرحه نتنياهو، ويبدأ من حيفا ويصعد إلى الجولان ويتمدد من جنوب سوريا ويصعد شمالا إلى المثلث الحدودي الفاصل مع الأردن، وثم يهبط من المثلث السوري الأردني العراقي إلى الفاو في البصرة ليسلك مساره إلى مضيق هرمز وصولا إلى الهند”.

واعتبر أن” الرابح من كل هذه الطرق ليس من يمسك بالمنبع أو المصب، بل من يضع في يده أوراق القوة وسلاسل التبادلات التجارية ومسار الخطوط التي تسلكها السلع والخدمات. وقال: إننا في الشرق الأوسط نشهد عملية خلط أوراق، وما حصل ويحصل يعطينا فكرة عن أهداف الانهيارات التي نعيشها في منطقتنا”.

فحص

استهل فحص حديثه بالإشارة إلى أن” نتنياهو لم يكن أكثر وضوحا مما كان عليه بعد التطورات التي شهدتها الساحة السورية، وأدت إلى انهيار النظام فيها، عندما تحدث عن اقتراب المعركة النهائية. وأن على إسرائيل توجيه ضربة مباشرة إلى رأس محور المقاومة في المنطقة واسقاط النظام الإيراني. وبعد أن تحدث عن الرسائل التي وجهها نتنياهو أكد أن المنظومة الحاكمة ولاسيما العسكرية في قوات الحرس الثوري في ايران لم تتعامل مع هذه الإشارات بما يتلاءم وخطورتها. وحدد الاهداف الأميركية – الإسرائيلية المعلنة للهجوم بالمستويات الثلاثة التالية: ضرب وتدمير البرنامج النووي بحيث تجبر ايران على التخلي عن طموحاتها أو تأخيرها. ضرب وتفكيك قدرات ايران الصاروخية، أي نزع مخالبها، التي تسمح لها بتهديد العمق الاستراتيجي لإسرائيل والقواعد الأميركية في غرب آسيا. تحويل الهجوم إلى ركيزة من أجل القضاء على النظام واستبداله بنظام جديد “ديمقراطي ” يتعايش مع إسرائيل ومع الشروط الأميركية. هذا الهدف كان يخفي وراءه هدفا أكثر خطورة يسعى إلى تفكيك أيران وتحويلها إلى دويلات متناحرة فيما بينها، أي تحويلها إلى دويلات فاشلة غير قادرة على الاستمرار بذاتها”.

وتطرق إلى “استراتيجية أميركية عاد الحديث عنها عام 2005 بشكل كبير تأخذ بعين الاعتبار تقليم أظافر الجغرافيا التي تشكل مناطق وجود الأقليات القومية من كردية وأذرية وتركمانية وعربية وغيرها. مع احتمال توسع التفتيت ليصل إلى الدول المجاورة. ورأى أن النظام الإيراني استطاع تجاوز الخطر من خلال الموقف الشعبي الذي التف حول الجغرافيا الإيرانية ووحدة أراضيها بغض النظر عن موقفه السلبي أو النقدي من النظام والسلطة القائمة”.

واشار إلى “توسيع اتفاقيات السلام الابراهيمي”، ورأى أن “السلطة الإيرانية ستتعامل مع بدايات هذه الاتفاقيات بكثير من الواقعية والبراغماتية، طالما أنها لا تشكل تهديدا للمفهوم الذي تضعه لمصالحها الاقتصادية والاستراتيجية”. واعتبر ان” الهجوم الإسرائيلي أسهم في إعادة تعريف الاوزان العسكرية والأمنية والسياسية لكلا الطرفين في المعادلات الإقليمية”. وعرض فحص للمستجدات الإيرانية على الصعيد النووي” التي تعمل على إعادة تعريف علاقتها مع الجهات الدولية المعنية. أما على صعيد البرنامج الصاروخي وتفرعاته من سلاح الطيران المسير فلن تكون ايران على استعداد بعد ما تعرضت له، لتقديم أي تنازلات أو تخفيض مستويات فعالية هذا البرنامج”. وراى أن ” ايران ممكن ان تلجأ بعد هذه المواجهة إلى تعريف عمقها الاستراتيجي بامتداداتها الإقليمية ونفوذها في المنطقة، فهي لن تتخلى عن هذا العمق، أو تنسحب منه. مع الأخذ في الاعتبار دور ومواقع حلفائها بدليل ممارسة حليفها اللبناني حزب الله أعلى مستويات الانضباط والتزام إبعاد لبنان عن دائرة الخطر خلال الأيام الثني عشر للمعارك. وهو موقف يعبر عن وجود نهج وآلية جديدة في تعامل الحزب مع المتطلبات اللبنانية الداخلية”.

بعد حديث المحاضرين تقدم عدد من الحضور بمداخلات تناولت ما تشهده المنطقة من تحالفات والقضية الكردية وحجم المخاطر على الاقضية الفلسطينية وضرورة رصد التحولات الكبرى وأهمية الالتفات إلى البيت الداخلي. ورد المحاضران على الأسئلة المطروحة.

اخترنا لك