الممانعة الإعلامية والمماتعة المادية : أبواق المال حين تدور البوصلة

بقلم بسام سنو

في المشهد اللبناني والسوري المتداخل، لطالما ارتبطت “الممانعة” بخطاب إعلامي يُصدّر نفسه كمقاومة للمشروع الغربي والصهيوني.

غير أن هذا الخطاب لم يكن يومًا معزولًا عن المال والسلطة، بل كان في كثير من الأحيان مجرد واجهة تخفي خلفها صفقات وتسويات على نار هادئة.

أسماء مثل سالم زهران، ناصر قنديل، ووئام وهاب شكّلت لسنوات أبواقًا إعلامية لمشروع محور “الممانعة”، لكنها في الواقع تحركت غالبًا وفق أجندات تمويلية أكثر منها أيديولوجية.

هؤلاء وغيرهم، مع تغيّر المعادلات الإقليمية والدولية، ومع انكشاف زيف كثير من الشعارات، وجدوا أنفسهم أمام لحظة حاسمة، إما التشبث بخطاب لم يعد يُطعم خبزًا، أو إعادة التموضع وفق الاتجاه الجديد للرياح.

ومع تغير “الآجال” وتبدل موازين القوى، تغيّر الخطاب بدرجة 360، فعاد إلى نقطة البداية ولكن بحلة أكثر “واقعية” أو ربما أكثر انتهازية.

الممانعة، التي كانت بالأمس “قضية”، أصبحت اليوم وسيلة. والمماتعة المادية، أي الاستفادة المالية من التظاهر بالممانعة، لم تعد تنطلي على جمهور يتابع التحولات الإعلامية ويقارن بين المواقف الماضية والحالية.

فحين ينقلب الزهران على خطابه، ويتلوّن قنديل في تصريحاته، ويغازل وهاب خصوم الأمس، فإن السؤال المشروع يصبح: هل كانوا يومًا مؤمنين بما يقولون، أم أن كل ما سبق لم يكن إلا دورًا مؤقتًا في مسرحية ممولة؟

باختصار، ما نشهده اليوم ليس انقلابًا في الموقف، بل انكشافًا للنية الحقيقية: المشروع لم يتغيّر، فقط التمويل هو من تبدل.

اخترنا لك