في الوقت الذي يحاول فيه النظام الإيراني إخفاء أزماته الداخلية المتفاقمة عبر إثارة التوترات الخارجية وحالة الحرب، تتصاعد في الوقت نفسه حرب عصابات داخلية تعكس عمق الانقسامات والصراعات بين أجنحة النظام. أحدث هذه الصراعات تمحورت حول حملة إلكترونية واسعة تطالب بإقالة الرئيس مسعود بزشكيان، متهمة إدارته بالعجز عن توفير أبسط الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والماء والدواء، في حين تصفها أجنحة النظام المنافسة بأنها خيانة للوحدة الوطنية.
تفاقم أزمة الخدمات العامة وصراع داخل النظام
يعيش الشعب الإيراني في ظروف معيشية قاسية، مع انقطاعات متكررة للكهرباء، نقص حاد في المياه، أزمة دوائية، وتضخم متصاعد، مما جعل الحياة اليومية صعبة للغاية. في هذا السياق، انتشرت هاشتاغات انتقادية ضد رئيس الحكومة على وسائل التواصل الاجتماعي، منتقدة فشل الحكومة في إدارة الأزمة. هذه الانتقادات تحولت إلى ساحة صراع داخلي بين أجنحة النظام، حيث وصفتها بعض الفصائل بأنها محاولة لتفكيك الوحدة الوطنية في مرحلة حرجة.
رداً على الحملة، شنّت الفصائل المنافسة هجوماً عنيفاً، واعتبرت الحملة جزءاً من مخطط مدروس لإثارة الفوضى. تصريحات مسؤولين بارزين مثل حشمت الله فلاحت بيشه ومحسن رضائي أكدت أن هذه الحملة ليست عفوية، بل تستخدم أدوات مثل الرسائل النصية ووسائل الإعلام الاجتماعية لتحقيق أهداف سياسية.
من جانبه، أكد بزشكيان خلال اجتماع في محافظة جيلان أنه فوض جميع صلاحياته إلى المحافظين لإدارة الأوضاع المحلية ضمن إطار السياسات العامة للنظام، في محاولة لتخفيف الضغط عن السلطة المركزية، لكنه بذلك أظهر هشاشة النظام وتفكك السلطة المركزية.
هذا الصراع الداخلي ليس مجرد خلاف سياسي عابر، بل يعكس أزمة شرعية عميقة داخل النظام. الصراعات بين العصابات على السلطة تعكس فشل النظام في احتواء الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، وتكشف هشاشة النظام أمام مطالب الشعب المتزايدة. معركة إقالة الرئيس في هذا التوقيت الحرج تعكس محاولة كل جناح للسيطرة على المشهد السياسي وتحميل الآخر مسؤولية الفشل.
الحل الثالث: خيار الشعب والمقاومة المنظمة للخروج من الأزمة
في ظل هذه الفوضى الداخلية والتدهور الاقتصادي والاجتماعي، يبرز الحل الثالث كخيار وحيد للخلاص. هذا الحل يقوم على إرادة الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة التي تقدم رؤية ديمقراطية علمانية حقيقية، ترفض الاستبداد بكل أشكاله، وتؤمن بجمهورية تحترم حقوق الإنسان وتضمن العدالة والمساواة. كما أكدت مريم رجوي في حديثها مع صحيفة النهار اللبنانية، فإن التغيير الحقيقي لا يأتي من داخل النظام المتهالك، بل من خلال انتفاضة شعبية منظمة تقودها المقاومة الإيرانية، التي تمتلك برنامجاً واضحاً لبناء إيران ديمقراطية ومستقرة.
ان تصاعد حرب العصابات داخل النظام الإيراني يعكس عمق الأزمات التي تواجهها البلاد، ويؤكد أن النظام في حالة تفكك داخلي حاد لا يمكنه من مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية. الحل الحقيقي يكمن في دعم خيار الشعب ومقاومته المنظمة، التي تمثل الأمل الوحيد لإيران في التحرر من الظلم وبناء مستقبل مزدهر. إن المجتمع الدولي وكل من يؤمن بالحرية والعدالة مدعو للوقوف إلى جانب هذا الخيار الأخلاقي والإنساني.