جاسوسة أم ضحية دعاية ؟

كاثرين شكدم تشعل جدلًا في طهران وتفضح هشاشة الأمن داخل النظام في ايران

#كاثرين_شكدم تشعل جدلًا في #طهران وتفضح هشاشة الأمن داخل النظام في #ايران
@ShakdamC

شكّلت تصريحات النائب السابق في البرلمان الإيراني مصطفى كواكبيان خلال مناظرة تلفزيونية حول “الاختراق الاستخباراتي الإسرائيلي”، لحظة انفجار إعلامي أعادت اسم كاثرين بيريز شيكدم إلى واجهة الجدل، بعد اتهامه لها بإقامة علاقات مع 120 شخصية نافذة في النظام الإيراني.

هذه التصريحات فجّرت موجة غضب واسعة، دفعت النيابة العامة في طهران لفتح تحقيق بحق كواكبيان نفسه، بتهمة “نشر مزاعم دون أدلة وتشويش الرأي العام”.

من هي كاثرين بيريز شيكدم؟

شيكدم هي محللة سياسية “بريطانية-فرنسية” من أصول يهودية، زارت إيران مرارًا بين عامي 2011 و2022، وكتبت في مواقع رسمية إيرانية، أبرزها الموقع الإلكتروني للمرشد الأعلى علي خامنئي، وأجرت مقابلات مع شخصيات بارزة في النظام، بينها الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي عام 2017، حين كان مرشحًا للرئاسة.

عرفت شيكدم في طهران بظهورها بالحجاب ومشاركتها في مناسبات شيعية مثل عاشوراء، حيث قدّمت نفسها كمسلمة شيعية ملتزمة. غير أن مواقفها تغيّرت لاحقًا، لتنتقل إلى مهاجمة النظام من منابر غربية، أبرزها صحيفة تايمز أوف إسرائيل، حيث اتهمت النظام بالسعي لصناعة قنبلة نووية وببنية دينية أمنية تقوم على “عقيدة الكاميكازي”.

رغم وصفها بـ”الجاسوسة” في بعض الأوساط الإيرانية، خاصة بعد مقالها الشهير عام 2021 الذي تحدّثت فيه عن تسلّلها إلى أروقة النظام، نفت شيكدم مرارًا تلك الاتهامات. في مقابلة مع BBC الفارسية، أكدت أنها لم تكن على صلة بأي جهاز استخباري، بل دخلت إيران كمحللة سياسية، وأن السلطات الإيرانية نفسها هي من فتحت لها الأبواب، بسبب صورتها “المثالية” كامرأة أوروبية اعتنقت الإسلام.

وقد ادّعت أنها أُستخدمت كـ”أداة دعائية”، لكنها لم تسعَ للتقرب من المسؤولين، بل جاؤوا إليها وطلبوا منها مقابلات ومقالات، وأُرسلت مقالاتها إلى موقع خامنئي عبر وسطاء إعلاميين، دون أن تتقاضى أجرًا. لكنها أقرت بأنها استفادت من الانفتاح الإيراني عليها كفرصة لمراقبة النظام من الداخل.

أعادت اتهامات كواكبيان الحديث حول “الاختراق الإسرائيلي” داخل النظام، في وقت تتصاعد فيه فضائح أمنية في طهران، كان أبرزها اغتيالات وعمليات تسلل نُسبت إلى جهاز “الموساد”. وربط البعض تصريحات كواكبيان بتصفية حسابات داخلية، وتراشق بين تيارات النظام بعد الضربات الأميركية والإسرائيلية الأخيرة.

الجدير بالذكر أن تصريحات كواكبيان ليست الأولى التي تشير إلى تسلل شيكدم. حساب “ثلث” المقرّب من التيار المتشدد نشر عام 2022 صورة لها، ووصفها بـ”عميلة إسرائيلية اخترقت موقع المرشد والحرس الثوري”، في إشارة إلى فترة عملها كمحررة في تلك المواقع، قبل حذف مقالاتها لاحقًا.

انقلاب المواقف… والانفصال عن إيران

بعد طلاقها من زوجها اليمني المسلم، غيّرت شيكدم مظهرها ومواقفها، وانتقلت للعمل في منظمات داعمة لـ”إسرائيل”، منها منظمة “نحن نؤمن بإسرائيل” البريطانية. وفي مقالاتها الجديدة، هاجمت النظام الإيراني، واتهمته بعداء اليهود، وليس فقط “إسرائيل” كدولة.

كما كشفت عن سوء أوضاع السجون، وسعي النظام لـ”تصدير الشهادة والدمار”، معتبرة أن في حال تعرّضه للخطر، “لن يتردد في تدمير بلاده بيئيًا وإنسانيًا، لإلصاق التهمة بالعدو”.

خلاصة المشهد

ظهور شيكدم في قلب مؤسسات الحرس الثوري والمكتب الإعلامي للمرشد، ثم انقلابها على النظام واتهامه بعدائها، ثم استغلالها كرمز لـ”الاختراق الإسرائيلي”، كل ذلك يكشف حجم الارتباك الأمني والإعلامي داخل إيران. وبينما تنفي شيكدم التجسس، يبقى النظام في موقف الدفاع والتوضيح، في وقت تتهاوى فيه أسطورته الأمنية أمام حرب سيبرانية وأمنية غير معلنة.

أما قصة “120 مسؤولاً”، فهي على الأرجح، إن لم تكن مفبركة تمامًا، جزء من الحرب النفسية الداخلية التي تعكس أزمة الثقة المتصاعدة داخل مؤسسات النظام الإيراني.

اخترنا لك