بقلم كوثر شيا
حين يصدر رئيس الحكومة نواف سلام تعميمًا يدعو فيه كل الإدارات العامة والبلديات والسفارات والبعثات الدبلوماسية إلى رفع العلم اللبناني وفق الأصول وتجديده عند اللزوم، لا يكون الأمر مجرد إجراء إداري أو تنظيم بروتوكولي.
بل هو إعلان بأننا ما زلنا نؤمن بالدولة، ونُعيد التذكير برمز وحدتنا الذي يجمع ما فرّقته الطوائف، ويعلو فوق كل انقسام.
العلم ليس قماشًا يُرفع على السارية. هو صوت الذين استشهدوا ليبقى هذا الوطن. هو دمعة أمّ على نعش ملفوف بالأرز. هو اليد التي تُلوّح من النافذة وتقول: “أنا لبناني”.
حين يتقدّم العلم… يتراجع الانقسام
نحن في بلد كثرت فيه الشعارات. كل حيّ له مرجعية، وكل منطقة لها لون، وكل مناسبة تُختصر بصورة زعيم أو راية حزبية أو شعار طائفي.
لكن وسط هذا التنوّع، هناك علم واحد فقط يُمكن أن نقف له كلّنا دون خجل أو خضوع.
علم لبنان، بشجرته الخضراء، هو الراية الوحيدة التي لا تُقسّم، ولا تُفرّق، بل توحّد.
لهذا، لا يكفي أن نرفعه في المناسبات الرسمية فحسب، بل يجب أن يكون حاضرًا في كل لحظة:
• في المسيرات الرياضية، يجب أن يُرفع العلم اللبناني قبل أي شعار لفريق أو نادٍ.
• في التظاهرات، مهما كانت مطالبها أو الجهات المنظمة، العلم اللبناني هو الغطاء والشرعية.
• في الحفلات والمهرجانات، مهما تنوّعت الثقافات والمناطق، يبقى العلم هو السقف الذي لا يُمكن تجاوزه.
• وحتى في مراكز الأحزاب والجمعيات، يجب أن يكون العلم اللبناني أوّل ما يُرى، لأنه فوق الجميع.
بروتوكول العالم… والهوية اللبنانية
في البروتوكول العالمي، حين يُرفع علمان، يُوضع علم الدولة على يمين الجمهور (يسار من يحمل الأعلام)، وعند رفع ثلاثة أعلام أو أكثر، يُوضع علم الدولة في الوسط وفي أعلى موقع ممكن.
هذا الترتيب ليس مسألة شكليّة، بل هو تأكيد أن العلم الوطني هو المظلّة، وهو المرجع، وهو ما لا يجب أن يُغيَّب أو يُستبدل.
وهذا ما يجب أن نُكرّسه في لبنان. فكم من مهرجان أو مؤتمر أو حتى مسيرة، نُشاهد فيها عشرات الأعلام والشعارات، ويغيب عنها العلم اللبناني؟
وهل من المعقول أن تُرفرف رايات الأحزاب، وتُنسى راية الوطن؟
دعوة لليقظة الوطنية
ما دعا إليه رئيس الحكومة اليوم، لا يجب أن يبقى تعميمًا مكتوبًا يُحفظ في الأدراج. بل هو دعوة لليقظة الوطنية:
• لنتأكّد جميعًا أن علمنا مرفوع في كل بلدية، وكل مدرسة، وكل مؤسسة عامة وخاصة.
• لنعمل على تجديده عندما يبلى أو يتلف، لأنه لا يليق بالوطن أن يُرفع علمه ممزّقًا.
• لنجعل من العلم اللبناني عنوانًا دائمًا لكل فعالية ومناسبة وموقع.
الراية ليست قطعة قماش… بل نبض وطن
في النهاية، العلم ليس مجرد راية. هو نبض شعب. هو بطاقة هويتنا حين تضيع الهويات.
هو آخر ما يرفرف في المعارك، وأوّل ما يُرفع في السلام.
فلنرفعه عاليًا. ليس فقط فوق المؤسسات، بل فوق قلوبنا.