العالم على فوهة بركان : هل نشهد ملامح الحرب الثالثة؟

بقلم محمد فادي الظريف

إلى من يسأل عن الحرب ويهرب من الواقع، ها نحن نعيش فصولًا مفتوحة من صراع متعدد الجبهات، تصاعد تدريجي ينذر بما هو أكبر من مجرد أزمات منفصلة. إنها مشاهد متفرقة من لوحة واحدة… لوحة نظام عالمي يتداعى تحت وطأة المصالح، السلاح، والفراغات السياسية.

ردعٌ أم هجوم؟

حين تعلن بريطانيا وفرنسا عن تحديث استراتيجيات الردع النووي، لا يمكن قراءة ذلك ضمن خانة “الحماية الذاتية” فقط، بل في إطار تحوُّل نوعي في العقيدة العسكرية الأوروبية… من الدفاع إلى الردع الهجومي.

وفي نفس الوقت، يمضي حلف الناتو قدمًا في تزويد أوكرانيا بأسلحة هجومية متطورة، معلنًا – بشكل غير مباشر – أن الحرب لم تعد فقط “للدفاع عن كييف”، بل ضمن خطة أوسع لكسر النفوذ الروسي في شرق أوروبا.

حلفاء جدد ومحاور مضادة

مولدوفا، الدولة الصغيرة المحاذية لأوكرانيا، بدأت بهيكلة جيشها تحت إشراف غربي مباشر، استعدادًا لمواجهة أي تحرك روسي محتمل. والرد الروسي لم يتأخر: تحالف عسكري مفاجئ مع كوريا الشمالية، يعيد للأذهان أجواء الحرب الباردة بأكثر صورها استفزازًا.

كوريا الشمالية، من جهتها، رفعت حالة التأهب إلى أعلى المستويات، وتحدث مسؤولوها عن “الاستعداد لحرب شاملة”، في وقت تتصاعد فيه المناورات الأميركية – الأسترالية – اليابانية – التايوانية في المحيط الهادئ، كمقدمة لردع الصين التي تفرض حصارًا فعليًا على تايوان.

الشرق الأوسط: حرب وجود وصراع إرادات

في الشرق الأوسط، تبدو الأمور أشد احتقانًا:

إسرائيل تخوض حربًا وجودية، ليس فقط في غزة، بل على عدة جبهات تُفتح تدريجيًا: جنوب لبنان، الجولان، والضفة الغربية.

إيران تلعب على الوقت… تمدّ أذرعها في اليمن، العراق، سوريا ولبنان، وتحرق الساحات العربية بالنار الباردة، بانتظار انتهاء عملية التخصيب النووي التي قد تغيّر ميزان القوى بشكل جذري.

أما هذه الدول الأربع (لبنان، سوريا، العراق، اليمن)، فقد تحوّلت إلى ساحات تفاوض محترقة، تتكلم فيها البنادق نيابة عن السياسيين، وتُدار صفقاتها فوق رماد المدنيين.

ماذا لو؟

في هذا السياق الكارثي، يعود إلى الذاكرة سؤال مؤلم: هل ننتظر “حادثة اغتيال ولي عهد النمسا” جديدة؟

هل يكفي شرارة واحدة – في تايوان؟ أو في القدس؟ أو على حدود أوكرانيا؟ – لإشعال حرب لا يمكن إيقافها؟

والسؤال الأهم:

من يملك القدرة اليوم على إيقاف هذا النزيف العالمي؟

هل ما زال في هذا العالم صوت للعقل وسط ضجيج السلاح؟

أم أن عجلة الحرب قد انطلقت، ولن تعود أدراجها إلا بعد أن تغيّر خريطة العالم من جديد؟

في هذا المشهد المركّب، يبدو أن السؤال لم يعد: “هل تقع الحرب؟”، بل: “متى؟ وأين؟ ومن سيشعل عود الثقاب؟”

اخترنا لك