بقلم لارا يزبك
لا يريد “حزب اللّه” تسليم سلاحه، ويؤكد مسؤولوه تمسّكهم به “اليوم أكثر من الأمس”. أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، الذي كان يربط الاحتفاظ بالسلاح بانسحاب إسرائيل من كامل الأراضي اللبنانية التي تحتلّها جنوبًا وبإطلاق أسرى “الحزب” وبانطلاق مسار إعادة الإعمار، أضاف إلى هذه الشروط، مبرراتٍ جديدة لعدم تسليم السلاح للدولة أو لـ “الإسرائيليين” في نظره، حيث تحدّث عن “خطر وجودي” تشعر به البيئة الشيعية وعن التهديد التكفيري الذي ظهر في السويداء، وهي أسباب إضافية تُحتّم بقاءَ “الحزب” مسلّحًا.
لكن فلندرس بعمق الحساباتِ التي يحسبها “الحزب”، وفق ما تقول مصادر نيابية سيادية لـ “نداء الوطن”، ولنرَ الدورَ الذي سيلعبه سلاحُه في السيناريوات الأكثر خطورة أمنيًا وعسكريًا، التي يتوجّس منها أو يروّج لها.
أيّ ردع؟
الجيشُ الإسرائيلي، طالما لم يتمّ تفكيك ترسانة “الحزب” العسكرية، سيبقى في الجنوب وسيواصل غاراته وقصفه والاغتيالات على امتداد الأراضي اللبنانية. فكيف سيردعه “الحزب”؟ كما أنّ عدم تطبيق لبنان اتفاق وقف النار، قد يدفع تل أبيب إلى اتخاذ قرار استئناف الحرب على “الحزب” وربما على لبنان ككلّ. فهل ما لم يتمكّن “الحزبُ” مِن القيام به وهو في أوج قوّته إبّان حرب الإسناد، لناحية حماية الأرض ومنع احتلالها وحماية قياداته وناسه ومنع تهجيرهم، سيتمكّن مِن فعله اليوم بما ومَن تبقّى مِن سلاحه وكوادره؟
الباصات المبرّدة
ننتقل إلى الحدود الشمالية والشرقية، تتابع المصادر، حيث مصدر “الخطر الداعشي”. الواقع الميداني في هذه المنطقة لم يعد كما كان في العهد السابق أو أيام نظام بشار الأسد البائد، حين كانت الحدود سائبة والمسلّحون مِن الطرفين، يسرحون ويمرحون عبرها بلا حسيب أو رقيب. الجيش اللبناني بات موجودًا بقوّة على الأرض، وسيكون أوّل المتصدّين لأيّ تهديد، وإذا احتاج الأمر مساندةً شعبية، فإنّ كلَّ اللبنانيين سيهبّون لمساعدته وحماية قراهم وبلداتهم. أمّا “حزب اللّه”، وللتذكير وإنعاش الذاكرة، فأطفأ بريقَ انتصار الجيش على الإرهاب في معركة “فجر الجرود” حين سمح بإخراج الإرهابيين من لبنان إلى سوريا، بباصات “مبرّدة”… والحال، أنّ سلاح “الحزب” في تلك الحقبة، ساهم في جرّ التشدّد السنيّ إلى لبنان، وبعدَها، لم يساعد الجيش، إلا رمزيًا، في صدّه، وهو لن يقوم بأكثر من ذلك اليوم، إذا طرأ أي طارئ.
ضمانات للخصوم
أما الخطر الوجوديّ الذي أشار إليه قاسم، فإذا كان مصدره التطرّف، فهو يستهدف كلَّ الفئات لا الشيعة فقط، بدليل ما حصل في السويداء، ومواجهتُه وظيفةُ الجيش اللبناني، وإلّا وَجب على كلّ اللبنانيين التسلّح. أمّا إذا كان مصدره إسرائيل، فإنّ سلاح “الحزب” لن يُقدّم أو يؤخّر في جبهه، وقد رأينا “إنجازاته” خلال حرب الإسناد. وإذا كان مصدره خصوم “الحزب” في الداخل، فهم غير مسلّحين و “الحزب” يعرف ذلك جيّدًا، وبالتالي يحقّ للخصوم أن “يخافوا” وأن يطلبوا ضمانات وتطمينات، لا العكس، وتجربة 7 أيار لا تزال ماثلة في الأذهان. وإذا كان مصدره الدولة اللبنانية، فهي قرّرت عدم “نزع” سلاح “الحزب” وتنتظر منه تسليمه “طوعًا”.
السلاح إذًا فائدته تساوي “صفرًا”، ويمكن لـ “الحزب” الاحتفاظ به إلى ما لا نهاية. وفي وقت نأمل ألا نُضطرّ إلى اختبار عدم جدواه عسكريًا، مرة جديدة، فإنّ اللبنانيين بالتأكيد، سيشعرون بالمفاعيل الكارثية اقتصاديًا ودوليًا، لعدم تسليمه إلى الدولة، على شكلِ مزيدٍ من الانهيار والفقر والعزلة، تختم المصادر.