بقلم غسان صليبي
هل سبق وشاهدتم
سلحفاة البحر
تسبح في المياه المالحة
وتتمايل على وقع
اغاني فيروز؟
انصحكم
بأن تفعلوا
بدون إبطاء،
وهذا متاح لكم
على قناة UCL
في كل صباح،
حيث تستمعون
إلى باقة من أغنيات فيروز،
فيما انتم تشاهدون
مناظر تكثر فيها
الجبال والأودية والأشجار
وتشكيلة من العصافير
بأنواعها والوانها المختلفة،
ومشاهد من عالم البحر
باسماكه ومخلوقاته الغريبة،
مع بعض اللمحات السريعة
لسواح يتجولون
في الطبيعة او في المدن
او يستلقون على الرمال
على الشواطىء.
يتزاوج
جمال الصوت والمعنى
الذي يحمل الحب والإلفة والبساطة،
مع جمال الكائنات الحية
وهي تعيش بطمأنينة وسلام
في طبيعة خلّابة.
ليس صعبا
أن نمزج بين جمال
عالم الطبيعة
وكلمات أغاني فيروز،
التي تستوحي من هذه الطبيعة
معانيها وصورها الذهنية،
فيبدو لكم
ما ترونه وما تسمعونه،
عالم واحد غير مركّب تلفزيونيا،
من صوت من هنا
ومشاهد من هناك.
ويختلط الصوت
بالصورة،
ولا تعودون تدركون
من أين يأتيكم
هذا الاحساس بالجمال
الذي يملؤ كيانكم،
من الصوت ام من الصورة
ام من الاثنين معا.
لا يخطر ببالكم
هذا التساؤل
الذي يعطّل استسلامكم الكامل
للإحساس الجميل الذي يغمركم،
الا عندما تشاهدون سلحفاة البحر
وهي تتمايل وتتراقص في المياه،
بعد ان كانت قد ادهشتكم
الوان الأسماك وأشكالها
الغريبة العجيبة.
نعم هذه السلحفاة
التي تعودتم على رؤيتها
في الحدائق،
بمشيتها البطيئة والرتيبة،
بلونها الترابي وراسها
الوديع لكن بدون جمال،
وبأطرافها المثقلة ببيتها
الذي تحمله على ظهرها
أينما ذهبت وكيفما استقرت.
لا يختلف كثيرا شكل
سلحفاة البحر
عن سلحفاة البر،
لكنكم عندما تشاهدونها
كيف تسبح وتتمايل وتتراقص
في مياه البحر،
تظنون انكم ترون كائنا آخرا،
دبت فيه الليونة والحيوية فجأة،
وتتفاجؤون
ان هذا الكائن،
أصبح جميلا.
يمكنكم أن تفسروا
هذا التحول في نظرتكم
للسلحفاة،
بأن روحها بدت لكم جميلة
وهي تتمايل وتتراقص،
مما اثّر على رؤيتكم لشكلها.
يمكنكم أيضا
أن تكتشفوا
ان صوت فيروز
يحوّل القبح إلى جمال،
في تواطؤ سري
بين السمع والنظر،
كما تعلّمنا
من كلب بافلوف،
كيف كيف كان “يريّل”
عندما كان يرى اللحمة،
فأصبح “يريّل”
كلما سمع صوت الجرس،
الذي جعل عالم النفس سماعه
يترافق دائما مع رؤية اللحمة.
لاحظت بأسف
على قناة ال UCL،
أن المشاهد
تركّز على وجوه الحيوانات وأشكالها
ونحن نسمع فيروز،
فيما هي لا تتوقف
الا بشكل خاطف،
عند وجوه البشر وأجسادهم.
وتساءلت كم سيكون
مفيدا
انسانيا،
لو استمعنا إلى فيروز
فيما يجري التركيز
على وجوه البشر واجسادهم،
التي تعودنا أن نراها جميلة او قبيحة
أليفة او غريبة،
فلعلها ستبدو لنا
جميلة في تنوعها
وأقرب إلى قلوبنا
المتعطشة إلى الحب.