بقلم د. جواد الهنداوي
سفير عراقي سابق ورئيس المركز العربي الأوروبي للسياسات وتعزيز القدرات – بروكسل
حتى اسرائيل ، العدو اللدود لايران، لم تعرْ اهتماماً رسمياً لقرار البرلمان الاوروبي، والذي تمّ التصويت عليه في الجلسة المنعقدة بتاريخ ٢٠٢٣/١/١٩. لا بلْ بعض الصحف الاسرائيلية تناولت الموضوع بحذر وبإستغراب ، لا حُبّاً بإيران ،وانما خوفاً على الوحدات العسكرية الاسرائيلية ، التي تمارس القتل والاغتيالات وهدم المنازل في الضفة وفي غزة .
انقلُ ادناه ما نشرته صحيفة هاآرتس الاسرائيلية من مقال للكاتب تسفي برئيل ،بتاريخ ٢٠٢٣/١/٢٤ ، وعنوان المقال هو “لماذا على الاتحاد الاوروبي ان يعد للمئة قبل ادراج الحرس الثوري الايراني في قائمة الارهاب ” . يقول : ” يمكن ان يكون لهذا القرار تداعيات ايضاً على نشاطات هيئات عسكرية واستخبارية اسرائيلية، وهذه الهيئات قد تجد نفسها متهمة بنشاطات ارهابية اذا تم قبول الحرس الثوري كمنظمة ارهابية ” . انتهى الاقتباس .
كذلك في بريطانيا، حيث حذرّ المشرف على التشريع في الارهاب في وزارة الداخلية البريطانية السيد جوناثان هول، من تداعيات تطبيق قرار البرلمان الاوروبي والهادف الى تصنيف الحرس الثوري منظمة ارهابية، مبيناً بان هذا التصنيف قد يرتد سلباً على الوحدات الخاصة في القوات البريطانية، ويرى في الامر توسيع خطير لمفهوم الارهاب، وحسبَ ما كتبه هول : ” هناك فرق كبير بين منظمات او افراد يعملون في الارهاب، وبين تطبيق التعريف على جهات حكومية رسمية في دولة سيادية ”، انظر ذات المصدر السابق المذكور اعلاه .
ويستطرد الكاتب في التوضيح والتحليل و يطرح سؤاليّن : هل يمكن اعتبار جسم حكومي منظمة ارهابية دون ان يؤثر ذلك على تعريف الدولة التي تستخدمه ؟ والسؤال الثاني هو هل يجب توسيع مفهوم الارهاب ليشمل المس بحقوق الانسان وقمع التظاهرات وتزويد روسيا بالمسيّرات ؟
تجدر الاشارة الى ان البرلمان الاوروبي وصف الحرس الثوري الايراني بالارهاب لثلاثة أسباب : “نشاطاته الارهابية ، قمع المتظاهرين، تزويد طائرات مسيّرة لروسيا ” . بعبارة اخرى اصبح، وفقاً للقرار الاوروبي، والذي سيبقى حبراً على ورق، انتهاك حقوق الانسان ليست مخالفة قانونية، وتتناولها المحاكم مثلما هو سائد في الدول الاوربية، وانما ارهاب ! واصبح تزويد سلاح او بيع سلاح لحليف ليس علاقات و مصالح دولية و قرار سياديا، مثلما هو سائد بين امريكا و الدول الاوربية وكل دول العالم، وانما ارهاب ! أمّا عن النشاطات الارهابية، فأعتقد ان الشعوب التي عانت من الارهاب وواجهت الارهاب، ولعقود، و دحرت الارهاب ( العراق، سوريا لبنان )، هم يعرفون تماماً من هم الارهابيون، ومن هم داعموهم و ممولوهم.
الحبُ المفرط لاسرائيل، و العداء المفرط لايران يُفقدْ البعض صوابهم والمنطق، وكما عبّرَ مسؤول العلاقات الخارجية في الاتحاد الاوربي السيد جوزيف بورل، تعقيباً على القرار ” هذا موضوع لا يمكن اتخاذ قرار بشأنه، بدون قرار محكمة. لا يمكنك القول لاحد ما انت ارهابي لانني لا احبك ”، انظر ذات المصدر المذكور اعلاه ( صحيفة هاآرتس الاسرائيلية، ترجمة صحيفة رأي اليوم الالكترونية، تاريخ ٢٠٢٣/١/٢٤ .
من خلال متابعة بداية استخدام مفهوم الارهاب، وبلورة قائمة الارهاب الاوروبية، منذ عام ٢٠٠١ ،بعد عمليات الحادي عشر من ايلول، أصبحَ المفهوم و الانتماء الى قائمة الإرهاب او الخروج منها محكوم بمصلحة امريكا و اسرائيل. حركة “طالبان” كانت ارهابية، وعندما فشلت امريكا عسكريا وسياسياً تجاهها، تفاوضت معها وتعاونت معها في الانسحاب الامريكي من افغانستان.
كذلك قيام الرئيس السابق ترامب بإدراج الحرس الثوري الايراني في قائمة الارهاب، لم يمنع الرئيس بايدن من التفاوض مع ايران من اجل العودة الى الاتفاق.