صحيفة مقربة من خامنئي تصف إمام أهل السنة في إيران بأنه “تابع لإسرائيل”

في إطار التصعيد المتواصل الذي يمارسه النظام الإيراني ضد إمام اهل السنة في زاهدان، عبد الحميد إسماعيل زهي، صعدت صحيفة “كيهان”، القريبة من المرشد الإيراني، علي خامنئي، من نطاق هجومها عليه، ووصفته بأنه “تابع لإسرائيل”.

وكتبت الصحيفة : “إنه لأمر مريب ومحفوف بالشكوك أن ينحاز عبدالحميد إسماعيل زهي إلى المحتلين، ويدعو إلى السلام بين الحكومة الإسرائيلية والفلسطينيين وذلك بعد دعمه الغريب للبهائيين، هذا الحزب الإنجليزي – الصهيوني. لا أمان لنظام غاصب صهيوني، لكي يريد مسلم إضفاء شرعية عليه ويدعو إلى السلام معه”.

وتشير الصحيفة إلى تصريحات عبدالحميد أدلى بها يوم الجمعة الماضي 27 يناير (كانون الثاني) في زاهدان، والتي أشار فيها إلى حب السلام لدى الشعب الإيراني، ورغبته في إحلال السلام بين “الحكومة الإسرائيلية والشعب الفلسطيني وإنشاء حكومة وأراضي مستقلة” للفلسطينيين.

يشار أنه بعد ثورة 1979 في إيران وبناء على سياسات النظام الإيراني، لم يعترف حتى الآن أي مسؤول رسمي أو حكومي بـ”حكومة إسرائيل”.

لكن مولوي عبدالحميد يذكر لأول مرة من خلف المنصة الرسمية لصلاة الجمعة، مسمى “الحكومة الإسرائيلية”، ويؤكد على ضرورة إحلال السلام مع فلسطين كدولتين متجاورتين.

وأثارت تصريحات عبدالحميد حفيظة صحيفة المرشد، وتسببت في شن موجة جديدة من الهجمات والانتقادات على إمام السنة في إيران، وزعمت أن تشكيل دولتين فلسطين وإسرائيل هو مطلب “المؤسسين الإنجليز والأميركيين للنظام الصهيوني”.

كما علقت “كيهان” على دعم إمام السنة للبهائيين، ومطالبته بحصولهم على حقوق المواطنة في إيران، ووصفته بأنه داعم “لمنفذي أعمال الشغب والعناصر المأجورة لوكالة المخابرات المركزية والموساد والمخابرات البريطانية” خلال الانتفاضة الشعبية للإيرانيين.

ويرى محللون سياسيون أن هذه الصحيفة تحاول تقويض منزلة وشعبية مولوي عبد الحميد بين أنصاره في سيستان وبلوشستان، جنوب شرقي إيران، من خلال الاستناد إلى مواقفه بشأن إسرائيل والبهائيين، وذلك بعد فشل النظام الإيراني عمليا في كبح احتجاجات البلوش المستمرة في كل جمعة.

وتزامنا مع هجوم “كيهان” على إمام جمعة أهل السنة في زاهدان، يمارس النظام الإيراني ضغوطا أخرى عليه لإنهاء خطبه الاحتجاجية أيام الجمعة، وتواصل المظاهرات الشعبية بهذه المدينة للأسبوع الـ17 على التوالي.

وفي السياق، اعتقلت قوات النظام الإيراني أمس الإثنين عبد المجيد مراد زاهي، مستشار مولوي عبد الحميد وهو في طريق عودته إلى المنزل.

وأكد المحللون أن هذا الاعتقال محاولة لتشديد الضغوط على عبدالحميد وكذلك يهدف إلى قياس ردة فعل المواطنين على هذا الاعتقال.

كما نشرت صحيفة “إيران” (صحيفة الحكومة الإيرانية)، مقالا في 14 يناير الحالي بعنوان “استثمار أجهزة المخابرات المركزية الأميركية في عبدالحميد”، اتهمت فيه إمام السنة في زاهدان بمحاولة تولي “قيادة أعمال الشغب” خلال الاحتجاجات الشعبية للإيرانيين، وأضافت إنه يستمر في لعب دور “مدمر ضد الأمن القومي والوحدة الوطنية ” بتصريحات “تثير الفتن”.

كما شبّه محمد جواد لاريجاني، أحد الشخصيات السياسية في إيران، في وقت سابق المسجد المكي في زاهدان بـ”مسجد ضرار” ودعا ضمنًا إلى تدمير “مكان المؤامرة الذي تخرج منه الكلمات النتنة”.

وقال لاريجاني: “كان من الصعب جدًا على نبي الإسلام أن يهدم مسجدا ضرارا، لكن المسجد بناه بعض الناس لنشر الأفكار المنحرفة وأمر النبي بهدم ذلك المسجد”.

وبعد جمعة زاهدان الدامية في 30 سبتمبر (أيلول) الماضي، أيد عبد الحميد إسماعيل زهي، مرارًا، انتفاضة الشعب ضد نظام الجمهورية الإسلامية، وحمل علي خامنئي مسؤولية قتل أهالي زاهدان، وطالب بإلغاء أحكام الإعدام والحرابة للمتظاهرين.

يذكر أن الخطب الانتقادية خلال صلاة الجمعة في زاهدان بعد الـ30 من سبتمبر الماضي أصبحت جزءاً من المظاهرات الأسبوعية الثابتة لأهالي زاهدان، والتي تقام بعد الصلاة، واشتهرت بأيام الجمعة الاحتجاجية في هذه المدينة.

كما بدأت منذ ذلك الحين هجمات المسؤولين والشخصيات ووسائل الإعلام التابعة للنظام على عبد الحميد إسماعيل زهي.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، قدمت مجموعة الهاكرز “بلاك ريوارد” ملفًا صوتيًا إلى “إيران إنترناشيونال”، أظهر أن النظام الإيراني وضع خطة تشويه سمعة عبد الحميد إسماعيل زهي على جدول أعماله منذ بداية الاحتجاجات في إيران.

وبحسب الملف الصوتي الذي تم الحصول عليه من اختراق وكالة أنباء “فارس”، فإن قاسم قريشي، مساعد رئيس تنظيم الباسيج، قال إن مصطفى محامي، ممثل خامنئي في بلوشستان وهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة، قدم تقريرًا عن مجزرة زاهدان إلى مكتب خامنئي، وهو بدوره أعطى الأوامر رداً على هذه التقارير.

وبحسب ما قاله قريشي، فقد طالب خامنئي، ردًا على هذا التقرير، بتوجيه “توبيخ” إلى مولوي عبد الحميد.

وقال قريشي أيضا: “كنا مخطئين فيما يتعلق بمولوي عبد الحميد. في بداية الثورة قضينا على الإقطاعيين في تلك المنطقة وعملنا على تضخيم عبد الحميد. لا أحد يعتبر هؤلاء بشراً”.

وفي هذا الاجتماع، المتعلق بلقاء مجموعة من مديري وسائل الإعلام التابعة للنظام مع قاسم قريشي، مساعد منظمة الباسيج، اقترح مديرو وسائل الإعلام أن يتم نشر كلام مولوي عبد الحميد ضد حقوق المرأة وأن معظم التمييز ضد المرأة يأتي من السنة، ويتم تطبيقه في بلوشستان.

ورغم الضغوط والتهديدات الأمنية، واصل خطيب جمعة أهل السنة في زاهدان تصريحاته الانتقادية.

اخترنا لك