نحو حلول ترقيعية لمعمل معالجة النفايات في صيدا

بقلم وفيق الهواري

يوم الخميس في التاسع من شباط ٢٠٢٣، وخلال توجهه الى منطقة الزهراني، زار وزير البيئة الدكتور ناصر ياسين يرافقه وفد من البنك الدولي مركز معالجة النفايات المنزلية الصلبة في مدينة صيدا، جال د. ياسين والوفد في أنحاء المركز واطلعوا على اوضاعه، والتقوا مديره العام المحامي احمد السيد، الذي أكد استعداد الادارة على تصحيح وتأهيل المركز كي يستعيد عمله المنتظم.

واليوم يكون قد مر خمسون يوما على ارسال الوزير د. ياسين تقريرا فنيا عن معمل معالجة النفايات المنزلية الصلبة في صيدا، الى بلدية صيدا، ووزارة الصناعة، ومحافظ الجنوب وإدارة المعمل. وقد صدر هذا التقرير الفني بعد ثلاثة اشهر على زيارة الخبير البيئي فاروق المرعبي للمعمل وبتكليف من وزارة البيئة.

خلال هذه الفترة الطويلة نسبيا لم يصدر اي ردة فعل من الهيئات المعنية على التقرير ومضمونه.

ماذا يحوي التقرير :

يتحدث التقرير عن الخلفية التاريخية لمشكلة النفايات في المنطقة وعن الظروف التي استدعت بناء المعمل، لينتقل الى وصف المرفق وآلية عمله وما يحوي من معدات ومنشآت، وكيف تتم عملية الفرز والمعالجة، لكن التقرير وفي الصفحة الثامنة منه يشير الى انه “تم اجراء العديد من التغييرات على التصميم الأصلي لعملية المعالجة نتيجة الازمة المالية والانخفاض الكبير في توليد النفايات في منطقة صيدا”.

وفي الصفحة ١٤ من التقرير، تم تحديد الاحتياجات على المدى القصير والمدى المتوسط، وينص التقرير : “تفتقر المنشأة الى الصيانة الوقائية والصيانة الدورية للمعدات داخل المعمل، مثل الطلاء، معالجة الصدأ، التحقق من الهياكل، الاستبدال المنتظم لأحزمة النقل، التركيبات الكهربائية وما الى ذلك. اي يتطلب المرفق اصلاحا شاملا لاعادته الى ظروف العمل الاصلية، كما يتطلب المرفق اصلاحا شاملا لاعادته الى ظروف العمل الاصلية”.
وتضمن التقرير جردة بالمعدات التي تتطلب اصلاحا شاملا. كما أشار إلى أنه ” تم العثور على جميع مركبات الموقع والمعدات الثقيلة خارج الخدمة وبحاجة الى صيانة شاملة، وبعضها بحاجة الى استبدال”.

واشار التقرير الى ان التكلفة الإجمالية لتجديد وشراء المركبات والاليات الجديدة لخدمة المنشأة تبلغ نحو ٨٧٠ الف دولار اميركي.

وراى التقرير ضرورة بناء مطمر صحي وقدر التكلفة بين بناء وتجهيز نحو ٤ ملايين دولار أميركي. في حين تبلغ التكلفة الإجمالية لاستبدال المعدات الرئيسة وتجديد البعض الآخر تبلغ نحو ٤ ملايين دولار أميركي.

وبالتالي يخلص التقرير الى ان تكلفة إعادة تشغيل المنشأة بشكل مستمر ومنتظم تبلغ نحو ٩ ملايين دولار أميركي.

ماذا كانت ردود الجهات المعنية بهذا الموضوع في ظل أزمة النفايات المستمرة في منطقة صيدا.

قال مدير عام المعمل المحامي احمد السيد : “لا اريد مناقشة التقرير الذي وصلنا من الوزارة او الرد عليه، قبل نقاشه مع وزير البيئة د. ناصر ياسين، ومع بلدية صيدا ايضا، لكن اريد ان أوضح ان تصحيح وضع المعمل وتشغيله بشكل منتظم لا يحتاج الى ٩ ملايين دولار، اننا نريد تجديده وإصلاح ما يمكن إصلاحه وما يلزمنا هو ان تدفع الدولة مستحقاتنا وأنا اكفل انه خلال ٦ اشهر يعود المعمل للعمل الطبيعي، كما ارحب بمشاركة وزارة البينة والبلدية وقوى المجتمع المدني في الإشراف على تجديد المعمل واصلاحه”.

وحول الوضع الحالي، يشير السيد الى ان المستثمرين السعوديين يدفعون حاليا ما بين ٧٠-٨٠ الف دولار لتغطية أجور الموظفين والمصاريف العامة للمعمل.

ويضيف : “منذ نحو شهر، نتعاون مع رئيس البلدية على تنظيف وجمع ونقل النفايات من الشوارع والاماكن التي يحددها الرئيس، من خلال سيارات توك توك تمت شراء عدد منها”.

وكان السيد قد أسس شركة لجمع ونقل النفايات تحمل اسم WASTE MANAGEMENT. وهي الشركة التي تتولى جمع ونقل النفايات كما ذكر سابقا.

من جهة اخرى، ما هو موقف بلدية صيدا؟

منذ استلامها تقرير وزارة البيئة وحتى اللحظة، تقول المعلومات ان المجلس البلدي لم يعقد جلسة لنقاش التقرير واتخاذ الخطوات المناسبة بشأنه، بل اكتفى بعض الأعضاء بالاطلاع عليه والاعلان عن موقف شخصي وليس عن قرار بلدي بخصوصه.

وبهذا الخصوص يعلق عضو المجلس البلدي المهندس مصطفى حجازي على التقرير بالقول : “لقد اطلعت على التقرير، انه علمي ودقيق، لقد حدد الخبير البيئي موقع الضرر والخطر في المعمل، كما حدد تكلفة التصحيح والتجديد اللازمة. تبقى المسألة تأمين المبالغ المالية اللازمة، وأن يجري العمل على تأمين مطمر صحي من اجل ديمومة العمل”.

وتشير مقررة اللجنة البيئية في مبادرة “صيدا تواجه” المهندسة سهاد عفارة، الى ضرورة ان تدفع الدولة مستحقات ادارة المعمل “ان المستحقات هي حقه، ولكن علينا الضغط بان تصرف هذه المستحقات على تجديد وتصحيح المعمل وان على البلدية والقوى المدنية الإشراف على هذه العملية”.

ويعلق مصدر في تجمع “عل صوتك” على التقرير الفني الصادر عن وزارة البيئة بالقول : “انه تقرير فني دقيق جدا، ويتقاطع في نقاط عديدة مع التقرير الذي اعده تجمع “عل صوتك” واعلنه بتاريخ ١٠ كانون الاول ٢٠٢٢، لكن يمكن القول ان تقرير الوزارة هو تقرير يجيب على سؤال : ماذا لدينا؟ ويحدد الاحتياجات المطلوبة وهذا جزء مهم ومطلوب، ونعتقد ان الجهة التي اعدت التقرير لا يمكنها بالوضع الحالي اكثر من انتاج تقرير يصف الواقع ويحدد الخطوات المطلوبة.

لكننا نرى من الضروري الاجابة على أسئلة اخرى : لماذا حصل ما حصل؟؟ ومن المسؤول عن الوصول الى هذا الوضع؟ وكيف يمكن تجديد وتصحيح الوضع والوصول الى الاهداف التي حددها التقرير؟

يبدو ان الجهات المعنية قد التزمت خيار الاستمرار بالوضع الراهن لتشغيل المرفق، انهم يلجأون الى حل ترقيعي اخر لا يؤدي برأينا الى حلول مستدامة، وكأنهم يطلبون من أركان نظام المحاصصة إقامة نظام ديمقراطي”.

ويبقى هذا التقرير في الأدراج اذا لم تبادر جهة ما في منطقة صيدا بطرحه على الطاولة للنقاش بين المعنيين والوصول إلى اجوبة عن أسئلة عديدة تتعلق بأزمة معالجة النفايات في منطقة صيدا.

اخترنا لك