السجائر الإلكترونية تدمر الرئتين

قصة مؤلمة عن معاناة شابة بريطانية مع الفابينغ الذي يغري بأنه مأمون لكنه فائق الخطورة

خلال السنوات الأخيرة، حظيت #السيجارة_الإلكترونية، أو ما يسمى “#الفابينغ” vaping، بشعبية كبيرة وادعت شركات رائدة في هذه الصناعة أن منتجها يشكل وسيلة فاعلة للإقلاع عن تدخين #التبغ، وفي الوقت نفسه استهلاك النيكوتين بطريقة آمنة.

في الحقيقة، ربما ساعدت هذه السجائر البعض في الإقلاع عن تدخين التبغ. وفي المقابل، قلما يمر يوم دون أن نقرأ تقريراً أو دراسة في شأن أضرار هذه المنتجات، ناهيك بتسجيل إصابات عدة في الرئة سببها هذا النوع من التدخين. وقد أشار باحثون في معهد “فرانسيس كريك” بلندن إلى احتمال مفاده أن التدخين الإلكتروني ربما “يوقظ الخلايا السرطانية في الجسم، وقد يتسبب في موجة جديدة من السرطان في غضون عشر سنوات”.

وكذلك البروفيسور تشارلز سوانتون، أحد العلماء في المعهد، قال إنه لا يعتقد أن “التدخين الإلكتروني خيار آمن للإقلاع عن السيجارة التقليدية. ربما يكون أكثر أماناً من سواه، لكن لا يعني ذلك أنه آمن بالضرورة”. وحتى في غمرة جائحة كورونا، وجدت إحدى الدراسات أن الشباب الذين يستهلكون السجائر الإلكترونية أكثر عرضة بخمس إلى سبع مرات للإصابة بالفيروس مقارنة بغير المدخنين. وتوجهت بوني هالبيرن فيلشر، كبيرة الباحثين الذين أعدوا الدراسة، بنصيحة إلى المراهقين واليافعين تخبرهم فيها أن تدخين السجائر الإلكترونية يضعهم في خطر مباشر للإصابة بـ”كوفيد-19″ لأنهم بذلك يلحقون الأذى برئاتهم.

ومنذ أيام، استرجعت امرأة، في تقرير نشرته وكالة “ساوث ويست نيوز سيرفيس” SWNS، تجربتها المريرة مع السجائر الإلكترونية التي تعود إلى عام 2019. وتحدثت الشابة عن سعادتها الكبيرة بنجاتها من الموت بعد أن أودى بها إدمانها على السيجارة الإلكترونية إلى أجهزة الإنعاش بسبب إصابة في الرئتين هددت حياتها.

وقبل سبع سنوات، حذت أماندا ستيلزر (34 سنة) حذو أصدقائها جميعاً، الذين بدأوا في تدخين السجائر الإلكترونية بعد أن جذبتهم نكهات متعددة أضيفت إليها.

وطوال السنوات السبع كانت أماندا تصرف في الأسبوع ما يزيد على علبتين تحتوي الواحدة منهما على أربع خراطيش من السائل الذي يتحول إلى رذاذ ويستنشقه المستهلك، أو ما يعادل نحو خرطوشة واحدة يومياً، ولكن للأسف، انتهى بها المطاف في المستشفى.

قصدت الشابة مركزاً للرعاية الصحية الطارئة في أكتوبر (تشرين الأول) 2019 فيما كانت تصارع كي تلتقط أنفاسها، وتكابد آلاماً شديدة أسفل الظهر، وشعرت بأن قلبها يكاد يقفز من صدرها.

هناك، خضعت أماندا لتحاليل دم وبول كثيرة، لكن تعذر على الأطباء اكتشاف الخطب الذي أصابها، فنقلوها في سيارة إسعاف إلى أحد المستشفيات. وفي غضون 24 ساعة، استدعت حالة أماندا وضعها على أجهزة الإنعاش حفاظاً على حياتها.

وبحسب أماندا التي تعمل في أحد الصناديق المالية لمدينة “ديلاوير” في ولاية أوهايو الأميركية، “كنت أبكي لأن ألماً شديداً كان يعتصرني. كنت خائفة جداً. آخر ما أتذكره أن شخصاً ما سلمني نموذجاً وأخبرني أني إذا أردت أن أبقى حية علي أن أترك توقيعي على هذه الموافقة بضرورة وضعي على أجهزة الإنعاش في العناية المركزة”.

بقيت الشابة على أجهزة الإنعاش طوال ثمانية أيام تقريباً، بعد أن أخبر الأطباء عائلتها أنها ربما ستحتاج إليها طيلة ثلاثة أشهر في أقل تقدير.

ولكن لم يعرف الأطباء السبب الأكيد وراء حالتها الصحية السيئة إلى أن سألت والدتها إحدى الممرضات إذا كان لتدخين السجائر الإلكترونية أي صلة بذلك، فأخذوا حينها يفحصون صدرها. وبعد الفحوص اللازمة شخص الأطباء إصابة أماندا بـ”متلازمة ضيق التنفس الحادة”، علماً أنها حالة صحية تهدد الحياة لأن الرئتين تعجزان عن توفير الأوكسجين الكافي للجسم. وأكد الطاقم الطبي أن “متلازمة ضيق التنفس الحادة” حدثت كنتيجة مباشرة للتدخين الإلكتروني. وبعد مرور أسبوعين آخرين على مكوثها في المستشفى، خرجت أماندا إلى المنزل. واستلزم الأمر ستة أشهر كي تستعيد رئتاها عافيتهما، إذ حظر عليها العمل أو الاختلاط بالأصدقاء والعائلة، أو مرافقة أشخاصاً يستخدمون السجائر العادية أو يدخنون مثيلاتها الإلكترونية.

وكذلك نقلت وكالة “ساوث ويست نيوز سيرفيس” عن أماندا، أن إحباطاً شديداً اعتراها. ووفق كلماتها، “كنت سعيدة لكوني على قيد الحياة، ولكن حزينة لأنني عجزت عن العمل، والجلوس مع العائلة والأصدقاء من دون ارتداء كمامة. شعرت بالإحراج لاضطراري إلى تعقيم كل شيء والطلب إلى الناس عدم استخدام (الفابينغ) أو التدخين من حولي”. وللأسف، “متلازمة ضيق التنفس الحادة” حالة صحية خطرة وتترك تأثيرها على أماندا لسنوات طويلة، لذا فإن إصابتها بأي مرض آخر ربما تتسبب في دخولها إلى المستشفى مجدداً. وتكشف أماندا عن أن اثنين من أصدقائها تخليا عنها “لأنهما رفضا الإقلاع عن التدخين”.

آنذاك، أوصاها الأطباء باستخدام أقراص النيكوتين لأن جسدها ما زال في مرحلة التعافي، لكنها عانت أيضاً أعراض الانقطاع عن النيكوتين.

ولم تقتصر الأضرار على الصحة الجسدية. فبعد المدة التي أمضتها في المستشفى، عانت أماندا خسائر مالية فادحة ومشكلات في صحتها العقلية والنفسية. في هذا الصدد، توضح أماندا أنها كانت “محظوظة لأنني كنت أملك سيارة آنذاك، وكان تأميني الصحي يغطي علاجي، ولكن ديوناً كثيرة ما زالت تثقل كاهلي”.

كذلك تعاني أماندا الآن “اضطراب ما بعد الصدمة” Post Traumatic Stress Disorder نتيجة مرورها بتلك التجربة الأليمة.

واليوم، باتت صحتها الجسدية “مذهلة”، بحسب وصفها، وتشعر أنها في أفضل حال، مع وجود كثير من الأصدقاء الداعمين وأفراد الأسرة من حولها.

لقد تعهدت أماندا عدم استخدام “الفابينغ” مرة أخرى وتأمل في أن تكون تجربتها عبرة للآخرين. في رأيها، أن ذلك النوع من التدخين “لا يبدو مضراً في البداية إلى أن تظهر حقيقته. أنت لا تعرف أبداً ما الذي سيحدث. شخصياً، حينما شرعت في تدخين السجائر الإلكترونية اعتقدت أنها لن تتسبب في مشكلة كبيرة. إنها عادة خطرة، ولا أريد أن يقاسي شخص آخر ما مررت به”.

وختمت، “لعل الناس لا يرغبون في رؤية هذه الحقيقة أو سماعها، ولكن إذا ساعدت شخصاً واحداً على ترك هذه الآفة، ستغمرني سعادة كبيرة”.

في الحقيقة، ليست أماندا حالة استثنائية، ففي عام 2019 أيضاً تقدم مراهق أميركي يدعى آدم هرغنريدر بدعوى ضد شركة “جول” الرائدة في إنتاج السجائر الإلكترونية، مشيراً إلى أن استنشاق تلك السجائر جعل رئتيه “كما لو أنه في السبعين من عمره”. وأضاف في مقابلة معه على قناة “سي بي أس” أن حالة رئتيه “لن ترجع أبداً إلى سابق عهدها”.

كذلك أشار هرغنريدر إلى أنه أخذ في تدخين هذه السجائر “لأنه وجد أن الجميع يفعلون ذلك”، في حين أنه لم يكن على دراية بالمخاطر الصحية التي تنطوي عليها. وأوضح أنه بدأ يعاني رجفاناً تلته حالات تقيؤ “طوال ثلاثة أيام” قبل أن يقصد الطبيب. وبعد خضوعه لتصوير بأشعة “أكس” تبين أن رئتيه تضررتا جداً، مما استدعى دخوله إلى المستشفى.

في المحصلة، لا يبدو أن النصيحة التقليدية في شأن التدخين “إذا كنت تدخن، أقلع عن هذه العادة”، ستتغير يوماً ما، ولكن ربما علينا أن نضيف إليها ما يلي، “وإذا لم تكن مدخناً، لا تلجأ أبداً إلى السيجارة الإلكترونية”.

اخترنا لك