خطوة نحو احياء سياسة التعايش السلمي !

بقلم طلال الامام

من نافل القول إنه لابد لدى قراءة ما بين سطور أي خبر أو خطوة محلية، إقليمية أو عالمية، وضعه في سياق إرهاصات متغيرات دولية تجري اليوم. من هنا نعتقد أنه من الاهم وضع الاتفاق الذي تم بين ايران والسعودية برعاية صينية من أجل اعادة العلاقات الديبلوماسية بين البلدين وحل جميع المسائل بينهما عبر الحوار، وضعه في سياق التطورات العالمية. انه ليس انتصارا للدبلوماسية الصينية التي تعمل دون ضجيج فحسب، بل ولجميع البلدان والقوى التي تعمل في هذا التوجه.

أولا – يشير هذا الاتفاق الى ان عملية ولادة عالم متعدد الاقطاب على انقاض عالم احادي، تشق طريقها بثبات وببطء في بعض المناطق وبسرعة في اخرى. لكن الواضح ان القديم يموت والجديد يولد.

ثانياً- تداعيات هذا الاتفاق سوف تساهم في نشر الاستقرار وتغليب سياسة الحوار وحل الخلافات سلميا. وهذا ليس في صالح شعوب البلدين او المنطقة فحسب، وانما لصالح جميع الشعوب والسلم العالمي.

ثالثا- ان رعاية الصين بقوتها الاقتصادية والسياسية هذا الاتفاق يؤكد ما ذهبنا اليه من أفول نجم عالم احادي القطب تقوده امريكا.

رابعاً- سوف يساهم هذا الاتفاق في الاستقرار والسلم العالميين ونزع فتيل تناقضات كانت تحاول الولايات المتحدة واربابها زرعها وتأجيجها، مرة تحت غطاء ديني طائفي او اثني، واخرى تحت شعارات خادعة ”نشر الديموقراطية”. كما سيساهم في افشال سياسة الولايات المتحدة الرامية الى تخويف دول الخليج من ايران.

خامساً- يؤكد الاتفاق ايضا حدوث ارهاصات تغييرات في بنية النظام السعودي بدأت منذ فترة باشكال مختلفة.

سادساً – سيكون من تداعيات هذا الاتفاق حلحلة العديد من الملفات : اليمنية، السورية، اللبنانية، الفلسطينية وسواها. كما يمكن تلمس تقييم هذا الاتفاق من ردود الفعل عليه بين مرحب، رافض، مشكك او يتسم بالعنعنة.

سابعا – الاتفاق خطوة على طريق تكريس مفاهيم حل الخلافات بين الدول بالحوار والادوات السلمية بعيدا عن الحروب المدمرة للبشر والحجر.

لقد أبدت العديد من البلدان والقوى ترحيبها بالاتفاق ورأت فيه خطوة نحو عالم تسوده علاقات سلمية وحل خلافاته بالحوار. وهناك من شكك فيه ورفضه بأشكال مختلفة. اسرائيل رأت فيه خطوة ”خطيرة وفشل للسياسة الاسرائيلية”. وسائل اعلام امريكية اعتبرته خسارة فادحة للمصالح الامريكية في المنطقة والعالم. وهناك من رأى فيه انتصارا للدبلوماسية الايرانية في الملف النووي وسواها.

أخيرا لابد من القول أن الترحيب بهذه الخطوة لا يجب أن يدفعنا الى إغماض العين عن العراقيل والصعوبات التي تعترضه من قبل دول وقوى ليس لها مصلحة في انجاحه، وسوف تسعى لإفشاله لانها ترى فيه ضررا لمصالحها. ومازال لهذه البلدان والقوى تأثيرات لايستهان بها. لكن نجاح هذا الاتفاق ربما يؤسس لإعادة احياء سياسة التعايش السلمي بين دول ذات انظمة سياسية، اقتصادية وإجتماعية مختلفة.

الأمل أن تؤسس هذه الخطوة الايجابية لترسيخ مبادىء السلام والحوار في علاقات الدول، ولإضعاف نزعات القوى النازية المتصاعدة في اكثر من بلد، قوى الحرب والنهب والاحتلال.

اخترنا لك