بنك لبنان والمهجر يتعسّف مع نقابة المهندسين

تفاقم مسلسل سداد الوديعة بشيك مصرفي... لا يصرف !

بقلم باتريسيا جلاد

بعد نقابتي المحامين والممرضين والممرضات، تسلك نقابة المهندسين في بيروت أمس خطّ الإرتكاز على القانون رقم 2/67 المتعلّق باعتبار المصرف الذي لا يسدد الودائع في حالة توقّف عن الدفع. وفي الإطار، وبعد مطالبتها فرنسبنك العام الماضي بسحب اموالها الموجودة في المصرف نقداً إلا انه تمّ تسديد حسابها بواسطة شيك قبل ان يصدر حكم قضائي بتاريخ 22/6/2022 بإعادة فتح حساباتها بذات القيمة الفعلية، ها هي اليوم نقابة المهندسين تسير في الخطّ نفسه مع بنك لبنان والمهجر، اذ اعلنت أمس رفضها إجراء المصرف بالحصول على أموالها عن طريق الشيك.

وكانت النقابة طالبت بوديعتها كما أعلنت، لتغطية جزء من تكاليف الإستشفاء وزيادة المعاش التقاعدي. فردّ المصرف بإقفال حساباتها (صندوق التقديمات والإستشفاء وصندوق التقاعد) من خلال شيكات مصرفية تمّ إيداعها لدى كاتب العدل.

وعلمت «نداء الوطن» من مصادر مطلعة على الملف أن نقابة المهندسين رفعت دعوى مطالبة بتحويل كل حسابها الى الخارج وليس لتسديد حالات إستثنائية. وبما أن بنك لبنان والمهجر مثله مثل سائر المصارف يرفض فتح هذا الباب على نفسه استنسابياً، رفض البنك هذا الطلب وسدّد كامل الوديعة بواسطة شيك تماماً كما تسدّد القروض بالنسبة اليه عن طريق الشيكات.

ماذا بعد؟

ولتلك الخطوة تتمّة إذ أوضح رئيس لجنة حماية حقوق المودعين في نقابة المحامين المحامي كريم ضاهر خلال حديثه الى «نداء الوطن» أن «مطالبة نقابة المهندسين، كما كل مودع، تهدف الى تحرير ودائعها للحصول على أموالها. وبما أن رأسمال نقابة المهندسين كبير فالمصرف لا يستطيع المساومة معه لعدم قدرته على تسديد الأموال المطلوبة ولعدم فتح الباب على سائر النقابات والمودعين، لذا منح نقابة المهندسين أموالها عن طريق شيك باعتباره وسيلة دفع، تمّ إيداعه لدى كاتب العدل « وأقفل حسابها».

وهذا التدبير برأي ضاهر أوقع النقابة في مشكلتين: الأولى عدم تمكّنها من تحريك حسابها والتصرف به وفقاً للحاجة وما يترتب عن ذلك من مشاكل. وثانياً، لا تستطيع النقابة إيداع الشيك في مصرف آخر نظراً الى قيمته الكبيرة وعدم وجود ملاءة لسداده. وبذلك تكون مصالح النقابة تعطّلت، وألحق بها ضرر لعدم استطاعتها سحب اموالها. وفي السياق من المفترض أن يتّخذ المصرف الإجراءين التاليين تماماً كما حصل مع فرنسبنك.

إجراءان مطلوبان

-»الإجراء الأول يقوم على إعادة فتح الحساب لإعادة ايداع أموال نقابة المهندسين، باعتبار أنّ الأخيرة لم تطلب إقفال حساباتها بل سحب جزء من وديعتها». وبذلك يمكننا القول إن «المشكلة لم تعد تعاقدية وإنما بنيوية ونظامية، لذلك فان رؤساء محاكم العجلة يأخذون قرارات بالزام المصارف بإعادة فتح الحسابات.

الإجراء الثاني والأساسي: الإستحصال على الوديعة بالعملة نفسها المدوّنة بالشيك. ووفقاً للمعلومات التي لدى ضاهر ستسلك نقابة المهندسين مسار نقابة المحامين، والذي تمّ الإتفاق عليه في نقابات المهن الحرّة منذ أشهر، وهو الإرتكاز على القانون رقم 2/67 الذي يخضع له كل مصرف عامل في لبنان يتوقّف عن الدفع، وبالتالي حثّ المسؤولين على إعادة هيكلة وتنظيم القطاع المصرفي ووقف حلقة إضاعة الوقت». لافتاً الى أن «نقابة المحامين كانت سبّاقة في اللجوء الى هذا القانون، وكذلك فعلت نقابة الممرضين والممرضات التي باشرت ايضاً باتباع ذلك المسار».

وبالنسبة الى ارتكاز كل نقابات المهن الحرة في تحرّكاتها على القانون 2/67 في ظلّ غياب قانون إعادة هيكلة القطاع المصرفي وتنظيمه، قال ضاهر «لن تسير كل النقابات في هذا الإتجاه».

أما في ما يتعلق بقانون إعادة هيكلة القطاع المصرفي قال ضاهر، بادرنا كنقابة محامين وقدّمنا قانوناً متكاملاً لإعادة تنظيم القطاع المصرفي من خلال نوّاب تغييريين، على غرار ذلك الذي ستقدّمه الدولة، يأخذ بالإعتبار المعايير الدولية والخصوصيات اللبنانية ومبادئ العدل والمساواة، وبالموازاة قدّمنا اقتراح قانون جديداً للـ»كابيتال كونترول» يتفادى الشوائب والثغرات الموجودة في القانون».

طاولة حوار

وفي الموازاة، رأى الإقتصادي أنيس بو دياب أنه «اذا لم تحصل طاولة حوار بين الحكومة والمصرف المركزي والبنوك التجارية لإيجاد خارطة طريقة تؤدي الى الخروج من هذه الأزمة النقدية وجزء منها أزمة سيولة والتي هي جزء من الأزمة العامة التي نتخبّط بها، سينجم عن ذلك احتدام الكباش خصوصاً في ظلّ إضراب القطاع المصرفي الذي يبدأ اليوم، ولا سيما ان لا بوادر حلّ تلوح في الأفق لتأجيل القطاع المصرفي إضرابه، ما ينعكس ارتفاعاً في سعر صرف الدولار أمام العملة الخضراء».

وقال إن «المشكلة القائمة بين القطاع المصرفي والنقابات والصناديق هي أن أصحاب الحسابات يطالبون بأموالهم نقدأ أو زيادة الـ»كوتا» التي لهم، فيما البنوك غير قادرة على الوفاء بسبب افتقادها الى السيولة الا اذا اعتمدت وسيلة تسديد القروض بالدولار النقدي بدلاً من الشيكات».

إذاً عملية شدّ الحبال ستستمرّ بين المصارف والمودعين الذي فقدوا جنى عمرهم بين ليلة وضحاها، إلا إذا استفاقت الحكومة وتمكّنت من اتخاذ قرار بإعادة هيكلة القطاع المصرفي… واطلاق عجلة الحلول لا سيما حل ازمة الودائع.

اخترنا لك