طبول المعارك البلدية تُقرع من الجديدة : إستقالات و”تمرّدات حزبية”

بقلم طوني كرم

باكراً، انطلقت المعركة الانتخابية في بلدية الجديدة البوشريّة السدّ، وقبل اتّضاح معالم هذا الاستحقاق الممدّد له حتى نهاية شهر أيار المقبل، ليجد 11 عضواً من بين 21 من الذين يكوّنون المجلس البلدي، أنّ مصلحة أبناء بلدتهم تكمن في الإطاحة بالمجلس الفائز بالتزكية في انتخابات 2016، برئاسة أنطوان جبارة الذي يرأس هذه السلطة المحلّية منذ 2001، وبالتالي نقل الأعمال المنوطة بالمجلس البلدي إلى عهدة القائمقام ووزارة الداخلية.

فبعد 13 عاماً على الأقل من العمل المشترك داخل المجلس البلدي برئاسة أنطوان جبارة، تقدّم نائب الرئيس منصور فاضل، وكلّ من الأعضاء صوفي جلوان أبو جودة، إبراهيم صقر، أندريه نجم، جوزف الخويري، المنتمين والمحسوبين على «التيار الوطني الحرّ»، والياس التنوري، ونزيه يزبك المقرّبين من آل المرّ إنتخابياً، فضلاً عن العضوين المنتسبين إلى حزب «الكتائب اللبنانية» أنطوان شهوان، وعادل إيليا وذلك خلافاً لقرار الحزب، إلى جانب جوزيف نعمة المقرّب من «القوات اللبنانية» ومن دون قرار «الحزب» أيضاً، وجوزيف ميرو ممثل حزب «الاتحاد السرياني»، باستقالاتهم أمام القائمقام عن عضويتهم في مجلس بلدية الجديدة- البوشرية – السدّ. في حين أبقى العضوان المنتميان إلى حزب الكتائب، كميل واكيم وغازي أبو خليل على عضويتيهما، وطوني صقر ممثل حزب «القوات» أيضاً، إلى جانب رئيس البلدية أنطوان جبارة، والأعضاء عفاف عطية، عبده شختورة، طوني باخوس، ربيع قاصوف، غابي سلامة، وممثل حزب الطاشناق جاك ترتاشيان.

وبذلك، تسلك الاستقالة وبعد مجهود كبير من الأعضاء، طريقها القانونية لتصبح نافذة حكماً بعد ما يقارب الـ 25 يوماً في حال تمسك جميع الأعضاء المستقيلين بقرارهم، ما يحتّم على وزير الداخلية إعلان استقالة المجلس البلدي، ونقل الأعمال الملقاة على عاتقه إلى عهدة القائمقام إلى حين انتخاب مجلس بلدي جديد؛ وتنضم بذلك أكبر مدن ساحل المتن الشمالي إلى لائحة البلديات المنحلّة، ما يضع السلطة المركزية وفق القانون، أمام وجوب إجراء الانتخابات الفرعية خلال شهرين في حال التمديد ثانيةً للمجالس القائمة.

الذرائع والانتخابات

كثيرةٌ الذرائع «السياسيّة والماليّة» التي دفعت الأعضاء إلى الاستقالة؛ ويتجنّبون الإفصاح عنها علانيّة رغم المحاولات المتكرّرة لـ »نداء الوطن»، ليتّضح أنّ بوادر المعركة الانتخابية والتحالفات المرتقبة لخوض غمار هذا الاستحقاق تشكّل القاسم المشترك بين المستقيلين. ويوضح أحد المستقيلين البارزين أنّ دوافع الاستقالة لا تنحصر بمسار العمل واتخاذ القرار داخل المجلس البلدي، بل بكون معظم قرارات المجلس يتّخذ خارجه، ملمّحاً بذلك إلى أحد المرشحين المحتملين لرئاسة البلدية، وهو من المقرّبين من جبارة. ما دفع بالمستقيلين، ورغم تنوّع انتماءاتهم السياسيّة إلى تكثيف جهودهم منذ وقت بعيد والدفع باتجاه «إسقاط» المجلس البلدي، قبل الإفصاح عن هذا الأمر الذي استدعى تدخلات سياسيّة لحثّ الأعضاء على العودة عن قرارهم والإبقاء على المجلس البلدي.

ووفق المتابعين، فإنّ التذرّع بوجود فساد داخل المجلس البلدي هو في غير مكانه، لأن من بين المستقيلين «رفاقاً» لرئيس البلدية وشركاء له في المجالس البلدية التي ترأّسها منذ 23 سنة، من بينهم: الياس تنوري، ونزيه يزبك، وأنطوان شهوان وإبراهيم صقر، في حين شغل بقية الأعضاء المستقيلين دورتين انتخابيتين، ما خلا جوزيف ميرو الذي دخل في العام 2016. وهذا ما يلقي بحجج الفساد على عاتق جميع المشاركين في الأعمال المشبوهة منذ ما يزيد عن 13 سنة، والتي من غير المقبول الركون إليها على أبواب الانتخابات المزمع إجراؤها خلال الشهرين المقبلين.

وإذ ترافقت الاستقالة مع التحذير من مآل الأعمال الملقاة على المجلس البلدي، يرى المستقيلون في هذا الأمر مدخلاً إيجابياً لتصويب أداء العمل البلدي الذي تخطّى المعقول، قبل أن يرفع أحد الأعضاء الآخرين منسوب تخوّفه على مصير الموظفين وعائلاتهم التي تتولى البلدية تغطية نفقاتهم الاستشفائية، ما يضع مصير ما يقارب الـ780 شخصاً في مهبّ الريح، قبل الغوص في الملفات الإدارية التي تعود للمواطنين القاطنين ضمن نطاق البلدية، مع مقاربة المعاملات التي تصل إلى بريد رئيس البلدية حدود الـ200 معاملة يومياً.

وفي الجهة المقابلة، لا يجد الفريق الداعم للمجلس البلدي أسباباً وجيهة لاستقالة زملائهم، حيث كان من الأجدى العودة إلى القاعدة الشعبية لمحاسبة المجلس البلدي والأعضاء في صناديق الاقتراع بعد أسابيع، قبل أن يستطرد موضحاً أنّ البعض أراد من هذه الاستقالة فتح المعركة الانتخابية، وإيجاد «مادة» للتوجّه بها إلى الناخبين وبوجه «الخصوم الانتخابيين» على أبواب الاستحقاق، والتي لا يمكن القيام بها في ظل تواجدهم معاً في المجلس البلدي الواحد، مع تركيزهم على خوض المعركة الانتخابية بوجه من يمثّله جبارة والقوى السياسيّة الداعمة له.

إنهاء مهام المجلس البلدي برئاسة جبارة بهذه الطريقة، فتح الباب جدياً بين المستقيلين للبحث في خوض غمار المعركة الانتخابية معاً، رغم التحديات الجمّة المرتبطة بتحالفات الأحزاب الكبرى وانعكاسها على جميع المناطق والبلدات اللبنانية، والتي تتعدّى بلدية الجديدة وعائلاتها، ليبرز في المقابل تروّي القوى السياسيّة في الإعلان عن خطواتها المقبلة والتي لن تكون بعيدة عن مسار جبارة الذي دخل إلى البلدية كنائب لرئيس البلدية أسعد باخوس في العام 1998، في أول انتخابات بلدية تتمّ بعد انتهاء الحرب في لبنان، ولكن سرعان ما استقال إلى جانب زملاء له، قبل أن يعمد لاحقاً إلى خوض الانتخابات والفوز برئاسة المجلس البلدي في الانتخابات الفرعية التي جرت في العام 2001، ويستمرّ على رأس هذه السلطة المحليّة عبر إعادة انتخابه في العام 2004، و2010، قبل الفوز بالتزكية في العام 2016.

اخترنا لك