حزب العدالة والتنمية المغربي يحاول ابتزاز ملك المغرب

بقلم طارق أبو زينب

نشأت جماعة تنظيم الإخوان المسلمين في المغرب العربي من خلال جماعة التوحيد والإصلاح الإسلامية المنبثقة من اتحاد عدة حركات إسلامية في المغرب، وذراعها السياسي هي حزب العدالة والتنمية المغربي الذي أسسه عبد الكريم الخطيب.

البداية كانت من خلال محاولة “جماعة الإخوان” إنشاء اتباع لها في المغرب العربي، واعتمد الإخوان المسلمون في يونيو 1937 على نشر أفكارهم واستقطاب اتباع لهم في المغرب الأقصى، وكانت البداية في فاس وكان مسؤول الجماعة محمد بن علال الفاسي، ومن ثم في طنجة وكان مندوب الجماعة أحمد بن الصديق، إلا أنه تم اعتقال محمد بن علال الفاسي، ونفته السلطات المغربية خارج البلاد في عام 1937؛ ما أدى إلى انكماش دعوة الإخوان في المغرب وعدم انتشارها.

دخل ” حزب العدالة والتنمية “، ساحة العمل السياسي في المغرب العربي من خلال الانتخابات البرلمانية وخرجوا منها بالطريقة نفسها ، ولكن هذا لا يعني أنهم ليسوا جزءا من الحراك السياسي المغربي لتنظيم ” الإخوان المسلمين ” الدولي وأفكاره ، و لا يمكن أن يترك تنظيم الإخوان الدولي بوجود فرع له إلا إذا كان متبنيا” كل أفكار التنظيم ويخضع لقراراته ويقوم بتنفيذ تكليفاته ، والتي غالبا ما يصوت عليها غير المغاربة على اعتبار أن مكتب الإرشاد ومرشدي التنظيم كانوا وما زالوا مصريين ، ومن هنا حزب العدالة والتنمية ” المغربي له انتماء فكري وتنظيمي بـ” تنظيم الإخوان المسلمين الدولي “.

تحذير الديوان الملكي المغربي

أصدر القصر الملكي في المغرب بيانا منذ أيام شديد اللهجة واعتبر بمثابة إنذار ، لحزب العدالة والتنمية المغربي، موضحا أن ما يتعلق بالسياسة الخارجية للمملكة هو من اختصاص العاهل المغربي الملك محمد السادس ، وذلك بعد هجوم من حزب العدالة والتنمية المغربي على الدبلوماسية المغربية ونهجها السياسي الخارجي مع الدول الأفريقية والأوروبية و إسرائيل، علما أن حزب العدالة والتنمية المغربي تقلد رئاسة الحكومة المغربية لولايتين متتاليتين، ورئيس الحكومة المغربية السابق القيادي الذي شغل منصب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية سعد الدين العثماني هو الذي وقع الاتفاق الثلاثي مع إسرائيل وأميركا والمغرب.

وكان المغرب طبع علاقاته مع الكيان الإسرائيلي بوساطة أميركية في 10 ديسمبر/كانون الأول من عام 2020، مقابل اعتراف الولايات المتحدة الأميركية بتبعية إقليم الصحراء الغربية للمملكة المغربية ، وهو الإقليم المتنازع عليه بين المغرب وجبهة البوليساريو التي تدعمها الجزائر .

تاريخ اليهود في المغرب

وبحسب مؤرخين ، يعود تاريخ وجود اليهود في المغرب ، وفق تقديرات ، إلى أكثر من 2000 عام ، ويضم المغرب ، أكبر تجمع لليهود في شمال إفريقيا ويقدر بحوالي 3000 شخص ، وقد يكون هذا العدد يفوق ربع مليون في أربعينيات القرن الماضي ، ومنذ نهاية الأربعينيات بدأت العائلات اليهودية بالهجرة إما صوب فلسطين المحتلة ،التي تضم اليوم نحو مليون يهودي مغربي ، أو إلى أوروبا وأميركا الشمالية . ويهود المغرب لم تسقط عنهم الجنسية المغربية وتجمعهم صلات وثيقة بالمملكة المغربية.

يرى باحثون مشروع ” حزب العدالة والتنمية ” المغربي المرتبط بتنظيم “الإخوان المسلمين الدولي ” انه قائم على الشعارات المزيفة التي لا أصل لها في الواقع، تستخدم هذه الشعارات في محاولة للتأثير في مشاعر النّاس، وبخاصة المشاعر الدينية والروحية، ويستغلون في ذلك علاقة النّاس بالدين، شعارات بلا مضمون ” مزيفة “، وقتها لفظت الشعوب هذا التنظيم، وهو ما حدث بالفعل في المغرب وفي أغلب البلدان الإسلامية والعربية.

ويؤكد باحثون في هذا السياق شعارات “حزب العدالة والتنمية ” المغربي في الدفاع عن القضية الفلسطينية والتي اقتربوا بسببها من قطاعات عريضة من الشعب المغربي وكانت تقاس وطنية الحزب وعروبته في هذه الشعارات، حتى أتضح أنها مجرد شعارات، وكان ذلك واضحاً من تأييد رئيس الوزراء المغربي الأسبق القيادي الأمين العام السابق في حزب العدالة والتنمية سعد الدين العثماني، لإقامة علاقات مع إسرائيل، فقد كان مؤيداً للاتفاق، وهو ما كشف عن متاجرة الحزب بالقضية الفلسطينية تحت مسميات العزة والكرامة والجهاد وغيرها من تلك التي استقطبوا من خلالها قطاعات عريضة من النّاس ، بينما في الحقيقة يقيمون علاقات قوية مع بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية.

اتفاق التطبيع

يقول مدير مكتب للدراسات والأبحاث، ومدير نشر جريدة أخبار المملكة ،عصام أوهاب في حديث لـ “جسور: ” الموقف غير المفهوم لحزب العدالة والتنمية المغربي ، موقف مفاجئ إلى حد كبير لأن الاتفاق الثلاثي الموقع سنة 2020 بين المغرب وأميركا و إسرائيل ثم توقيعه من طرف رئيس الحكومة المغربي آنذاك سعد الدين العثماني و الذي كان يشغل كذلك منصب الأمين العام لحزب العدالة و التنمية، كما أن تحركات المملكة المغربية على الصعيد الدولي أثبتت نجاعتها سواء من خلال ملف الصحراء المغربية أو من خلال توسيع العلاقات جنوب- جنوب ونهجها لمبدأ رابح رابح، لأن المغرب تحت القيادة الحكيمة للملك محمد السادس، يقدم مساعدات مهمة سواء من خلال تقديم التجارب التي راكمها المغرب في مختلف المجالات أو من خلال فتح مراكز التكوين بالمملكة المغربية لأطر الدول الإفريقية و العربية الشقيقة من أجل التكوين في مستوى عالي و احترافي . وإن النجاحات التي يحققها المغرب في شتى المجالات جعلت الحاسدين يتكالبون عليه و يحاولون بشتى الوسائل عرقلة مسيرته الناجحة، ولكن ظلم ذوي القربى أشد ألما “.

وأعتبر أوهاب : ” حاليا المغرب يمر بفترة جد مهمة من خلال الاشتغال على عدة جبهات، حيث يعمل على تعزيز البنية التحتية لتواكب التطور العالمي ، إلى جانب استقطاب الاستثمارات الدولية ، و تعزيز العرض السياحي ، ويشتغل على عدة قضايا كبرى، دون أن ننسى أن المغرب يعتبر القضية الفلسطينية قضية وطنية لا تقل أهمية عن قضية وحدتنا الترابية، وبالتالي هل يتعلق البلاغ الأخير لحزب العدالة والتنمية بإملاءات من جهات أجنبية أم بقلة تجربة لكن النقطة الأخيرة مستبعدة كون الحزب راكم تجربة قيادة الحكومة المغربية لعشر سنوات”.

الدفاع عن القدس

واكد أوهاب : ” بمجرد التوقيع على الاتفاق الثلاثي بين المغرب و إسرائيل و أميركا ، أجرى الملك محمد السادس اتصالاً هاتفيا مع رئيس السلطة الفلسطينية اكد له من خلاله أن الاتفاق لم و لن يمثل تراجعا عن الدفاع عن القضية الفلسطينية بل سيشكل إضافة للقضية ، و قد عبرت القيادة الفلسطينية أكثر من مرة عن تقديرها للجهود الجبارة و العظيمة التي يقودها أمير المؤمنين محمد السادس من أجل الدفاع عن الملف الفلسطيني ، إن المغرب يعتبر أكبر مساهم في بيت مال القدس مند إنشائها حيث يساهم بحوالي 90 بالمئة من ميزانيته في حين دول عربية لم تقدم المساهمة منذ 2001 “.

وأضاف أوهاب : “حزب العدالة و التنمية و خلال ترؤسه للحكومة لم يقدم أي نتائج إيجابية ملموسة بل أن أغلب النقاط المضيئة خلال فترة تسييرهم للسلطة كانت بتوجيه من جلالة الملك ، و لعل أبرز إيجابياتهم هي خلق وظائف لأتباعهم محاولة منهم للسيطرة على الوظائف السامية ، إذا حاولت نقاش أتباع الحزب ستجدها أفكارا مطابقة لأفكار تنظيم الإخوان المسلمين العالمية و يحاولون بشتى الطرق إخفاءها رغبة منهم أن تظل مخفية إلى غاية زرع عروقهم في مختلف مؤسسات الدولة و حينها لن تستطيع زعزعتهم، و سيعملون بكل طاقتهم من أجل نشر فكرهم وتطبيقه بأي طريقة ممكنة”.

اخترنا لك