مخالفات البناء “تقضم” مشاعات الزهراني

بقلم رمال جوني

تشهد قرى ساحل الزهراني تعديات غير مسبوقة على المشاعات، عن طريق وضع اليد أو البناء. وبحسب أوساط متابعة فإنّ التعديات ترتفع يوماً بعد يوم. لا تترك «شبراً» إلا وتستخدمه، ما ينعكس سلباً في المستقبل على شبكة المياه والكهرباء وحتى على التنظيم المدني، فضلاً عن أنّ البلديات تخسر الملايين جرّاء هذه التعديات، أكان لجهة عدم إحصاء الوحدات السكانية الجديدة، أو لجهة غياب التراخيص التي تستوفي البلديات رسومها لتغذي صناديقها. حتى الساعة، لم تتوقّف التعديات على مشاعات قرى وبلدات ساحل الزهراني.

تتواصل عمليات البناء ليل نهار من دون أي رادع. كل ألف متر، يتمّ تشييد 30 وحدة سكنية جديدة، إضافة إلى المباني التجارية التي تجتاح عشرات آلاف الأمتار من المشاعات. محاولات الردع الخجولة من قبل القوى الأمنية في البيسارية جوبهت بمعارضة شعبية واسعة. تعرّضت خلالها عناصر الدورية للإعتداء، ليستكمل بعدها «صبّ السقف» ليلاً.

الكل يرمي كرة النار في وجه البلديات لقمع المخالفات وإزالتها. هذا الأمر يرفضه رئيس إتّحاد بلديات ساحل الزهراني علي مطر، مستغرباً سياسة التعاطي مع ملفّ خطير كالتعديات على مشاعات الدولة، في حين يُترك المعتدون يسرحون ويمرحون. 33% من مساحة لبنان هي مشاعات بلدية أو دولة. تُقدّر قيمتها بحوالى 110 مليارات دولار. أملاك غير منقولة، باتت «فلتانة» في قبضة أصحاب رؤوس الأموال، الذين ينفّذون مشاريع تجارية على مشاعات البيسارية، عدلون، الصرفند وغيرها من البلدات والقرى. يستغلّ هؤلاء حالات الفوضى السائدة، وضعف أجهزة الرقابة لدى القوى الأمنية والبلديات التي تواجه صعوبات مأسويّة.

يشير مطر إلى أنّ «عديد شرطة البلديات انخفض بفعل الأزمة، حتى المازوت للآليات تعجز البلديات عن توفيره في ظل إفلاس صناديقها. رغم ذلك، طالب المدّعي العام المالي البلديات بإزالة التعديات، واستئجار آليات وتوفير المحروقات». وإذ سأل عن «تحمّل البلديات المسؤولية التي يفترض أن تقوم بها القوى الأمنية»، لفت إلى أنّ «المشاعات ملك خزانة وزارة المال، التي يجب أن تُكلّف القوى الأمنية لإزالة التعديات وليس البلديات».

منذ يومين تمّ توقيف رئيس بلدية البيسارية على خلفية التعديات على مشاعات البلدة، قبل أن يتم إطلاق سراحه، تحت شرط إزالتها وهو أمر رفضه مطر لأن البلدية لا تملك المال لاستئجار الآليات. بالكاد تُسطّر القوى الأمنية المخالفات بحق المعتدين.

تدقّ مصادر متابعة ناقوس الخطر من ضياع ما تبقى من مشاعات، تحرم البلديات من تنفيذ المشاريع الإنمائية. المستغرب أكثر في قضية استباحة المشاعات، أن المعتدين يستخدمون الناس دروعاً لتغطية جريمتهم. وترى المصادر أنّ ما يحصل هو «إرضاء انتخابي» على أبواب الإنتخابات. فهل أصبحت المشاعات ورقة انتخابات جديدة؟ يستبعد مطر الأمر، ويؤكد أن «رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي تدخّل شخصيّاً في ملف سرقة مشاعات الدولة، طالباً التعامل بقوة في هذا الملف».

يبدو أنّ ملف التعديات متشعّب وخطير، خصوصاً أنّ آليات المحاسبة تمّت في الاتجاه المعاكس. فبدل محاسبة المعتدين، استقدم هؤلاء «جبّالات» باطون يدوية لاستكمال أعمال البناء. ما يعني أنّ استباحة المشاعات مستمرّة، بل تطال أيضاً الأملاك الخاصة، حيث يجري تشييد المباني بين ليلة وضحاها، بشكل مخالف للقانون. أحد هذه المباني الحديثة سقط قبل أيام بسبب سوء عملية الإنشاء.

أمّا في أنصارية، فالمخالفات «على مدّ العين والنظر»، إذ يستغلّ الناس اقتراب موعد الإنتخابات البلدية، فالقوى الحزبية لا تتحرّك والقوى الأمنية بالكاد تحضر. ما يحصل في مشاعات الزهراني يؤشّر إلى سقوطنا في زمن الفوضى. فهل تتدارك وزارة الداخلية والبلديات الواقع المرّ قبل فوات الأوان؟ أم أنّ «الدنيا انتخابات؟».

اخترنا لك