فلنتخيّل المشهد من لبنان إلى آخر العالم…

بقلم عقل العويط

أنظر إلى لبنان وهو يتلوّى كالفريسة بين أنياب الوحوش، وأسأل أيّ مصيرٍ ينتظره، إذا “تَعَلّم” ملوك طوائفه ومذاهبه وأحزابه وعصاباته وميليشياته ومافياته “فنون” الذكاء الاصطناعيّ (تشات جي. بي. تي.)، مثلما أنظر في الوقت نفسه إلى العالم وأسأل السؤال نفسه: أيّ مصير؟!
تصوّروا أنّ “العقول المدبّرة” لهذا الذكاء الاصطناعيّ أسلسوا القياد لـ”يده”، وأطلقوا لها حرّيّة التخطيط والعمل والقرار والتصرّف والتنفيذ، فماذا كانت لتكون حال لبنان هذا، والعالم كله، الذي ما عاد في مقدوره أنْ يتحمّل “الذكاء الطبيعيّ” الممسوك بعقول العلماء والخبراء والقادة والرؤساء والملوك والطغاة وأصحاب البنوك والثروات ورجال الاستخبارات والملالي، ولا أنْ يتحمل أوزار مفاعيله، ومترتّباته على الحياة البشريّة؟
بل ماذا كان ليكون لمصير العالم إذا تسلّلت إلى غرفة قيادة هذا “الذكاء الاصطناعيّ”، في غفلةٍ عن اليقظة العقليّة، أو من طريق الخطأ (العفويّ أو المقصود) يدٌ ما، فعاثت فيه شرًّا جرثوميًّا حربيًّا كونيًّا فتّاكًا، ففعلت فيه ما لم يفعله الكوفيد 19 فينا، وما لا تزال تفعله حروب لبنان وحروب سوريا وحروب الكيان الغاصب في فلسطين وحروب العراق وحروب اليمن وحروب أفريقيا- كل أفريقيا- وحروب أفغانستان والحرب الكونيّة في أوكرانيا، وما أيضًا لا تفعله عشرات الآلاف من القنابل النوويّة التي تفوق قوّة تدميرها قدرة العقل على التصوّر والتخييل؟
… ثمّ ماذا لو تمرّدت روبوتات الذكاء الاصطناعيّ على صانعيها وعقولها؟
أتابع بشغفٍ (طفوليّ) أخبار الذكاء الاصطناعيّ، وفتوحاته العملانيّة والافتراضيّة والمفتوحة على اللّامتناهي من الممكنات والاحتمالات.
بقدر هذا الشغف الهائل الذي يجعلني في حالٍ من الذهول عن “العقل”، يجتاحني “خوفٌ مسعورٌ” من هذا الذكاء الاصطناعيّ، يوازي خوفي (وربّما يتخطّاه) من ذكاء البشر الجهنّميّ الشيطانيّ الشرّير، الماثل أمامنا، هنا في منطقتنا المفجوعة، وهناك في أرجاء المعمورة ونواحيها.
تصوّروا فقط أنّ قادة العالم (وهم وحوشه) استولوا على “مفاتيح” هذا الذكاء الاصطناعيّ ودخلوا إلى “مختبراته” و”عقوله”، فـ”وقع” كلّه بين أيديهم، من الولايات المتحدة إلى الاتحاد الروسيّ إلى الصين الشعبيّة إلى الاتحاد الأوروبيّ إلى ديكتاوريات العالم الثالث إلى إسرائيل الصهيونيّة إلى إيران الملالي إلى سوريا الأسد وأمراء المذاهب في العراق، ووقع – لِم لا – بين أيدي ملوك الطوائف والعصابات والمافيات والميليشيات اللبنانيّة…
سمعتُ قبل أيّام إيلون ماسك يقول إنّه خائف على مصير العالم من جرّاء مآلات الذكاء الاصطناعيّ – “تشات جي. بي. تي.” (GPT-4) ونسخه المتطوّرة، ولا سيّما نسخة “أوبن إيه. آي.”، التي “يحتمل أن تكون أكثر خطورة من كارثة نووية”.
أعرف أنّ المصالح الماليّة والاقتصاديّة والربحيّة وصفقات الأسلحة والأدوية وسواها، هي التي تحرّك أهل العالم اليوم، ووحوشه الضارية. وأعرف أنّ “خوف” هؤلاء هو في جزءٍ كبير منه خوفٌ على أمبراطوريّاتهم ومؤسّساتهم ومختبراتهم ومصانعهم، من المنافسة والمزاحمة. وليس من دون سبب وجيه أنّ نحوًا من 1300 شخصيّة كبرى في عالم التكنولوجيا والأعمال دعت في الشهر الفائت إلى “وقف موقّت لتجارب الذكاء الاصطناعيّ العملاقة”، لما تنطوي عليه أنظمة هذا الذكاء وروبوتاته من خطر يتهدّد الشرط البشريّ برمّته.
لا. لستُ خائفًا على الشعر. ولا على العقل الباطن. ولا على اللاوعي.
سؤالي: ماذا لو اندلعت حرب البقاء للأقوى والأذكى بين وحوش الذكاء الاصطناعيّ؟ أو بين هؤلاء من جهة وبين وحوش الذكاء الطبيعيّ؟
وماذا لو استولى “سرّاق” لبنان وعصابات لبنان على هذا الذكاء؟
فلنتخيّل فحسب. فلنتخيّل المشهد من لبنان هذا إلى آخر العالم .

اخترنا لك