أشجار فلسطين تعرِّي الرواية الصهيونية

بقلم ولاء عايش

لا ينحصر الصراع بين الكيان الصهيوني والفلسطينيين في مواجهات مسلحة على الأراضي والرموز الدينية فقط، ففي أحد أوجهه القاسية، يمتد ليستهدف آلاف المزارعين، ويحوّل كل موسم قطاف إلى ذكرى مؤلمة.

تقف أشجار الزيتون المعمِّرة شاهداً على وجود الفلسطينيين التاريخي في تلك الأرض، وتمثّل عقبة أمام الصهاينة، تفنّد رواياتهم المزعومة عن حقهم بفلسطين.

أشجار الزيتون هي العنوان الأبرز لهذا الصراع، باعتبارها رمزاً للصمود والمقاومة، وقيمة دينية وتاريخية ووطنية، لذلك كانت مُستَهدفة من الاحتلال ومستوطنيه، ودائماً ما يهاجمون المزارع ويقتلعونها، ويمنعون قطاف موسمها، لأنهم يعملون بشكل حثيث كي يثبتوا أن الفلسطينيين شعب بلا أرض.

يذكر الفلسطيني محمود يوسف علوان، أحد مزارعي قرية سنجل في رام الله بالضفة الغربية المحتلة، كيف تعرض لهجوم وحشي من قبل مستوطنين، محميين من قبل شرطة الاحتلال العام الماضي: «كنا نعد الأرض للزراعة.

مهمتي كانت توزيع أشتال الزيتون على المزارعين. فجأة. وجدت نفسي محاطاً بمستوطنين. رشوا علي رذاذ الفلفل وضربوني بأيديهم وبالعصي»، مضيفاً: «تعرضت لإصابة بالغة. أنا رجل كبير خضعت سابقاً لعملية قلب مفتوح. ومع ذلك. لن أترك أرضي».

مزراع آخر، من محافظة سلفيت يؤكد أيضاً، أنه يتعرض بشكل شبه يومي لهجمات من قبل المستوطنين وقوات الاحتلال، ويقول: «كلما قطعوا شجرة سنزرع عشراً غيرها. لن نتخلى عن شبر من أرضنا».

اقتلاع.. جدار.. ومضايقات

معاناة هؤلاء، هي معاناة آلاف المزارعين الفلسطينين، من حرب فرضها الكيان الصهيوني، وفي أحدث فصولها، شهدت، الثلاثاء الماضي، اقتلاع مستوطنين 70 شجرة زيتون في قرية قريوت جنوب نابلس.

وفي مارس الماضي، نفّذ جيش الاحتلال والمستوطنون أكثر من 436 اعتداء على الفلسطينيين وممتلكاتهم، تركزت معظمها في منطقتي شمال وجنوب الضفة الغربية.

مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية قال إن المستوطنين قطعوا في السنوات الخمس الأخيرة نحو 50 ألف شجرة، تعود لفلسطينيين، معظمها من أشجار الزيتون.

ويعاني المزارع في الضفة الغربية الأمرَّين للوصول إلى أرضه، بسبب قيود الجدار الفاصل، ومضايقات وعنف المستوطنين، إضافة إلى الآثار المتزايدة لتغير المناخ.

حول تلك المكابدة، يقول أحد المزارعين: «كل يوم لدينا نكبة جديدة. في كل موسم لقطاف زيتون نستعد لحرب. يريدون أن يثبتوا بأننا شعب بلا أرض. أشجار الزيتون هي العنوان الأبرز لهذا الصراع، باعتبارها رمزاً للصمود والمقاومة، وقيمة دينية وتاريخية ووطنية».
حركة مقاومة خضراء

ضمن الجهود المبذولة لحماية الموارد الطبيعية الفلسطينية، أطلقت منظمة «العربية لحماية الطبيعة» حملة «أشجار فلسطين» الرقمية الدولية الأولى، تحت وسم #أشجار_فلسطين، وهي حملة توعوية، لدعم برنامج «المليون شجرة».

وأُطلقت الحملة بمشاركة العشرات من المنظمات، وسترفد –على مدى 6 أسابيع – المحتوى الفلسطيني بمواد مرئية ومسموعة ومكتوبة متنوعة، وبلغات متعددة، عن القطاع البيئي والزراعي، وستسلط الضوء على الجرائم التي يشنها الاحتلال على القطاع البيئي والزراعي الفلسطيني.

وتأتي الحملة أيضاً استكمالاً لجهود المنظمة، الممتدة لأكثر من 20 عاماً (تأسست 2003 في عمّان)، نجحت خلالها في زراعة نحو 3 ملايين شجرة.

وتزامن انطلاق الحملة مع ذكرى يوم الأرض الفلسطيني، حيث أطلقت المنظمة فيديو أظهر مصادرة الاحتلال (20 ألف دونم)، وزراعة المنظمة (135 ألف دونم) في فلسطين، مبينة أن هدفها زراعة (250 ألف دونم) بحلول عام 2025 للحؤول دون مصادرتها.

وفي تصريح لـ القبس، قالت رزان زعيتر رئيسة المنظمة: «انطلقت الفكرة عام 2000 بزراعة مليون شجرة في فلسطين. وتمكنا خلال 20 عاماً من زراعة نحو 3 ملايين شجرة ودعم 30 ألف مُزارع»، لافتة إلى أن «هدف الحملة الجديدة الوصول لأوسع تضامن دولي وكشف حقائق التدمير الصهيوني للزراعة الفلسطينية».

بيئة استعمارية جديدة

وإلى جانب الحرب على شجر الزيتون، يشن الاحتلال همجات ممنهجة على البنى التحتية الزراعية، من أراضٍ ومنشآت للمياه والطاقة، لتجويع الفلسطيني وإجباره على التنازل عن حقوقه.

وتؤكد زعيتر أن «محاربة الفلسطيني تتم في جميع المجالات، وفي المجال البيئي خاصة، كما أن الاحتلال يستبدل بالأشجار المقتلعة في بعض المناطق أشجاراً غريبة عن البيئة الفلسطينية. ويحاول جاهداً استحداث بيئة استعمارية جديدة، حتى إنه أدخل أصنافاً من نباتات لا تتواءم مع البيئة الفلسطينية، وتهدد التنوع الحيوي، وتزيد من حدوث الحرائق. كما يفخر الاحتلال بمشاريع تخضير في النقب، تسببت بانقراض نباتات أصلية وعدد من الزواحف».

  أشجار فلسطين

– 80% من البساتين عمرها أكثر من قرن وأقدم شجرة عمرها 5000 عام
– عام 1939 سيطرت فلسطين على %23 من سوق البرتقال العالمي
– أشجار الزيتون المعمرة المتكيفة مع المناخ أصبحت رمزاً للتراث والصمود

اخترنا لك