فراشة القصر أنتِ … أميرة ديالا

للأميرةِ حياة إرسلان

بقلم غادة المرّ

منَ الأدوارِ اللّعينَةِ الّتي أُسنِدَتْ إليكِ، أن تَكوني قويَّةً، كلَّ الوقت.

أن تكوني مصدرَ أمانٍ لعائلتِكِ وللآخرين. أن تَبقَيّ صامدةً، لأنَّهم بكِ يتعلَّقون.

أن تكوني في قَارِبِ الحياةِ، تصارعينَ الأمواجَ العاتيةَ، تستمرّينَ في التَّجذيفِ، والرّيحُ تَعصِفُ…

ولا تستسلمين.

من قالَ أنّه عليكِ أن تكوني قويَّةً دوماً؟ من حقِكِ أن تضعَفي ولو قليلًا ، أن تصمُتي، وأن تشتَهي البُكاءَ على كتِفٍ ما.

أعرِفُ جيّدَاً، أنَّ للقلوبِ رحيِلٌ موجِعٌ ويكسر. كأنَّ هذا الكونَ من بعدِهم قد أظلَم. وأنّه كُتِبَ أن نعيشَ مُعلَّقينَ في منتصَفِ الأشياء.

لكن … لكن من كانتِ الأميرةُ ديالا ، ابنةً لها، لا يحُقُّ لها أن تحزن. ف ديالا، أميرةٌ نائمةٌ،في قِصَصِ الأطفالِ والحكايا. من عمرِ الورودِ، عُمرُها. في نُضجِها، طفولَةٌ، في لينِها، شِدَّةٌ، في حُضورِها أناقَةٌ، وفي جُعبَتِها ثقافةٌ وإرثٌ عائليّ ٌدسمُ.

هي هنا… أبداً لم تُغادر جُدرانَ هذا القصرِ العريقِ، والمكانَ الأحبَّ إلى قلبِها.

تنامُ بينَ سُطورِ قصّصٍ، يوماً كتبَت. فراشةُ القصرِ أنتِ. تطيرُ في عيونِ الأطفالِ وضِحكَاتِهم الخجولة.

أتبحثون عنِ الأميرةِ النّائِمةِ ديالا، بينَ أوراقِ رُزنامةٍ من عُمْرٍ قد ولّى ؟

هي هنا … هي هنا معنا… أبداً لم ولن تغادر.

اليومَ، نفتقدُكِ بلا حدودٍ، بلا ملامحَ, رُغمَ صُعوبةِ الطّريقِ إليكِ. جئنا اليومَ، إلى المكانِ الّذي نخافُهُ حدَّ الألمِ. طرقنا البابَ، أنفاسُنا مُتقطّعةٌ و تؤلِمُنا أيدِينا. مرَّ دهرِ لم نتصافح. جئنا كي نُبرهِنَ،
أنّكِ ما زلت على قيدِ الحياة.

أ يحقُّ لنا، أن نستعيدَ المشاعرَ والاشياءَ، من تلكَ السّماءِ الزّرقاءِ الشّاسِعة؟ من تلكَ الجّبالِ والوديانِ السّحيقة؟ من خيوطِ شمسٍ وصباحاتٍ هادئةٍ و مُملّةْ، خرجَت من بين أصابعِنا دون عودة؟
أن نستعيدَ وجعَ كلماتٍ ولحظاتٍ غاليّةٍ، هاربة ؟

نامي… نامي قريرَةَ العينِ، في بيتٍ احتوى، يوماً، آمرأةً… درسَت، ناضلَت، وكافحَت من أجلِ وطَنِها، من أجلِ قضايا المرأةِ والطّفلِ والعدالةِ الاجتماعيّة، وضحّت من أجلِ أسرتِها.

إمرأةٌ… بل طِفلةٌ، رفضَت أن تغادرَ عالمَ الطّفولةِ، أبداَ.

ممنوعةٌ منَ النّسيانِ أنتِ يا ديالا.

نامي يا أميرتي، في القلوبِ، في الأحلامِ، وفي ثنايا الذّاكرةِ، حين يُسدِلُ اللّيلُ خيوطَه، تُطفَأ أنوارُ القناديلَِ والشّموعِ في القصرِ، تنسحبينَ بهدوءٍ، إلى الحُضنِ الاحنِّ، وفي قلبِ وعيونِ أمُّكِ حياة، ترتمين… تبتسمين … و كملاكٍ، أنهكَهُ طولُ السّفرِ عبر الزّمنِ، هناك، بسلامٍ … ترقدين.

اخترنا لك