بقلم غسان صليبي
ودّعتك
ولم تسمعني
عندما كنتَ في العناية الفائقة،
فقد فقدنا الامل
من نجاتك هذه المرة
بعد ان أخبرنا الأطباء
أن جسدك الضعيف لم يعد يتجاوب
مع محاولات الإنقاذ.
ألم تكرر مرارا
في الأشهر الاخيرة
وبعد أن بدأ يضيق نفسُك،
“ما عاد الي جلادة”.
في العادة يقولون أن احدهم مات
بعد صراع طويل مع المرض،
ماذا عسانا نقول
بعد ان صارعت المرض
عشرين سنة
بكل شجاعة؟
اعرف ان الشجاعة
لا تكفي،
فطالما رددت لنا
انه لولا حب اوغاريت
رفيقة دربك،
ومثابرتها
ورعايتها الدائمة لك،
لكنت غادرت
منذ زمن بعيد.
اعتنقت “اللاعنف”
فكرا وأسلوب نضال،
وتنقلت بين غاندي ولوثركينغ وموللر
واريك فروم وتلستوي وغيرهم،
الذين ثابرت على قراءتهم رغم اوجاعك،
وتذكر ربما اني اشرت إليك
ان خياراتك الفكرية
ساعدتك
على مقاومة المرض وخطر الموت،
فجميع هؤلاء المفكرين
يستمدون جذور فكرهم
من إيمان عميق
بطاقة حب الحياة والبشر
المزروعة في قلب كل إنسان.
كنت تعرف جيدا
قبل مرضك،
ان اسباب المرض
ليست شخصية
ولا بيولوجية فحسب،
بل اجتماعية،
نتيجة الظلم والقهر والعجز
الذي يعاني منه الانسان،
فناضلت من أجل الحرية
والعدالة الاجتماعية والسلام،
وعندما دخل المرض
الى عظامك،
لم تعتبرها مسألة شخصية
بل استمريت في النضال
لمواجهة جذور مرضك
ومرض شعبك والشعوب المقهورة،
مرضك الذي بات اليوم
ينهش أجساد
الكثيرين من مواطنيك.
وداعا وليد،
كنا اربعة أصدقاء طفولة،
اصغرنا سنا
ذهب باكرا
وها انت الأكبر سنا
تلتحق به،
بقي منا اثنان
وكلٌ منا يتمنى
أن يرحل قبل الآخر،
حتى لا يبقى وحده
دون الآخرين
الذين جعلوا منه ما هو عليه
وبدونهم لا يجد نفسه،
سلّم على رفيق،
وسانقل سلامك الى حبيب
الذي لم يستطع رؤيتك قبل وفاتك
وسنبكيكما معا،
بمشاركة أصدقاء مرحلة الشباب
جورج وماري تريز وهاني ومارلين
وفرسان وبيار.
لا تحتاج
الى من يقول لك،
أن اصدقاءك جميعا
سيكونون الى جانب
اوغاريت وزينة.