المطران عودة : عندما تكون الدّولة ضعيفة تقوى الدّويلات وتسود الفوضى

"لم يعُد العالم يثق بمن تولّوا مسؤوليّة الإبحار بسفينة الوطن.. فأغرقوها"

ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها المطران الياس عودة خدمة القدّاس الإلهي في كاتدرائيّة القديس جاورجيوس، في بيروت، وألقى عظةً جاء فيها: “نتمنّى لو يتّبع المسؤولون في الوطن خُطَى مسؤولي الكنيسة المدافعين عن الإيمان”.

وقال: “حبّذا لو يدافعون عن دستور البلاد ضدّ كلّ الهرطقات الّتي تشوّهه. كيف يصبح البلد دولة مؤسّساتٍ إن لم يُحتَرَم دستوره ولم تُطبّق قوانينه؟ كيف يستقيمُ العمل في ظلّ غياب مجمعٍ وطنيٍّ يسهر على تطبيق الدّستور واحترامه، مجمع مؤلّف من رئيسٍ للجمهوريّة، وحكومةٍ أصيلةٍ، ومجلس نوّابٍ اختارهم الشّّعب ليعملوا من أجل مصلحته، أي المصلحة العامة، ومن أجل تحصين المؤسّسات العامّة وتفعيل عملها في خدمة المواطن؟ وهذا يكون بإدخال الإصلاحات اللازمة والضروريّة لكي يقومَ كلّ إنسانٍ مسؤولٍ بعمله، ويُحاسب على أيّ تقصيرٍ أو فسادٍ أو سوء أمانة”.

وأشار الى أن “بلدنا بلا رأسٍ ولا حكومةٍ فاعلة، وهو مشلولٌ، إداراته معطّلةٌ وبعض المراكز فيها خاليةٌ أو تدار بالوكالة. والجميع ينتظر، لكنّ الوقت يمرّ والفرص تضيع والأحوال تتدهور. والمشكلة الكبرى أنّنا نشهد فساداً يحميه فاسدون محميّون من فاسدين في ظلّ غياب المحاسبة والعقاب. كما نشهد سرقاتٍ وتعدّيات، ومناوراتٍ تجري تحت عيون الدولة والأجهزة الأمنية والعالم، لا علاقة للدولة بها، وعندما تكون الدولة ضعيفةً تقوى الدويلات والمحميّات وتسود الفوضى. وفيما يسعى العالم إلى الانفتاح والتسامح، يشدّ بنا البعض إلى التقوقع والتعصّب والتخلّف والاعتداء على الحرّيات”.

وأكد أن “الحاجة أصبحت ملحّةً للتغيير، للإصلاح، للخروج من مستنقع الفساد، خصوصاً بعد التهديد بإدراج لبنان على اللّوائح الرّماديّة، لأنّ العالم لم يعُد يثق بمن تولّوا مسؤوليّة الإبحار بسفينة الوطن، فأغرقوها، ولا يزالون يمعنون في إغراقها”.

وبشأن إعلان بيروت عاصمة الإعلام العربيّ لسنة 2023، لفت المطران عودة إلى أنّ “هذه المدينة التي كانت لؤلؤةَ العالم العربيّ وعاصمته الحضارية والثقافية والإعلامية، والتي كانت مدينة العلم والإستشفاء والنشر والصحافة، عاصمة الحرية والانفتاح والإبداع، متى تسترجعُ دورها وتألّقها؟”.

وختم: “دعوتنا اليوم أن نسير في هدى تعاليم الآباء القدّيسين المستندة على الكتاب المقدّس وتعاليم الرّبّ يسوع وتلاميذه الرّسل الأطهار، وألّا نستهين بالتّقليد الشّريف الّذي تسلّمناه منهم عبر العصور، وأن نعمل بحسب وصيّة المحبّة الإلهيّة لكي نجتذب الجميع إلى الرّبّ. دعاؤنا أن يحفظ الرّوح القدس جميع الآباء الرّعاة، ويلهمهم كلمة الحقّ والاستقامة، وهذا الدّعاء ينسحب أيضًا على رعاة الوطن الّذين نصلّي أن يحلّ روح الرّبّ فيهم ليحكّموا ضمائرهم، ويحكموا بنزاهةٍ وعدلٍ، ويعملوا من أجل المصلحة العامّة، حتّى يصل الجميع إلى برّ الخلاص والأمان”.

اخترنا لك